الاعتداء الغاشم في الصحافة الأميركية والبريطانية
العراق
2020/01/03
+A
-A
مقتل الجنرال الإيراني الكبير قاسم سليماني بأوامر من ترامب
صرح مسؤولون أميركيون أن أكبر قائد أمني ومخابراتي إيراني قد قتل في وقت مبكر من صباح امس الجمعة بهجوم نفذته طائرة مسيرة بلا طيار قرب مطار بغداد الدولي بعد الحصول على إذن من الرئيس ترامب. وقد قتل الى جانب اللواء قاسم سليماني، وهو قائد قوة القدس القوية في فيلق الحرس الثوري الإيراني، عدد من المسؤولين التابعين لتنظيمات عراقية عندما وجهت طائرة مسيرة من طراز “ريبر أم كيو- 9” صواريخها الى رتل كان يغادر المطار.
كان الجنرال سليماني هو المهندس لكل عملية كبرى تقريباً نفذتها المخابرات الإيرانية أو قوات الجيش الإيراني طيلة العقدين الماضيين، لذا فإن مقتله سيكون صدمة لإيران في وقت تشهد فيه صراعاً جيوسياسياً. غير أن الضربة كانت أيضاً تصعيداً من جانب الرئيس ترامب في مواجهته مع طهران، وهي مواجهة ابتدأت بمقتل متعاقد أميركي في العراق في أواخر شهر كانون الأول الماضي.
أما في إيران فقد عقدت القيادة اجتماعاً أمنياً طارئاً، واصدر المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي بياناً دعا فيه الى الحداد العام لمدة ثلاثة أيام ومن بعد ذلك يكون الرد. جاء في التصريح: “رحيله الى جوار ربه لن يضع نهاية لمسيرته أو ما قدم من عمل، ولكن انتقاماً عنيفاً ينتظر المجرمين الذين تلطخت ايديهم بدمه ودماء الشهداء الآخرين الذين سقطوا في الليلة الماضية.” في الولايات المتحدة يسود ترقب وتحسب من حدوث هجمات إيرانية انتقامية محتملة قد تشمل ايضاً هجمات الكترونية وإرهابية على مصالح لأميركا وحلفائها. اسرائيل هي الأخرى تعد نفسها لتلقي ضربات إيرانية، حيث اقفلت المواقع السياحية ذات الشعبية كما وضعت قوات الجيش في حالة انذار. كان البنتاغون قد صرح بأن: “الجنرال سليماني كان بصدد اعداد خطط لمهاجمة الدبلوماسيين والجنود الأميركيين العاملين في العراق وعموم المنطقة.” بيد أن التصريح لم يكشف مصدر المعلومة الاستخبارية التي ساعدت الأميركيين على قتل سليماني. بيد أن المهمة عالية السرية نفسها كان قد بدأ الاعداد لها عقب مقتل المتعاقد الأميركي في 27 كانون الأول الماضي بهجوم صاروخي، كما أفاد مسؤول أميركي رفيع المستوى. وكان تعقب أماكن تواجد سليماني وتنقلاته في أي وقت من الأوقات مسألة ذات أولوية بالنسبة لأجهزة الاستخبارات والجيش في اسرائيل وأميركا، كما يقول مسؤولون مخابراتيون أميركيون سابقون وحاليون. بقتله الجنرال سليماني يكون الرئيس ترامب قد أقدم على اجراء رفض القيام به قبله رئيسان سابقان هما “جورج بوش” و”باراك أوباما” لخوفهما من أن يؤدي ذلك الى اندلاع حرب بين الولايات المتحدة وإيران. رغم أن عدداً من الجمهوريين يعتقدون بأن هذا الهجوم، الذي يعد أخطر اجراء عسكري اقدم عليه الرئيس حتى الآن، كان مبرراً فإن منتقدي سياسة ترامب مع إيران يصفون الضربة بأنها تصعيد طائش من جانب واحد قد تترتب عليه عواقب بالغة الجسامة لا يمكن التنبؤ بها تتبعها ارتدادات عنيفة في عموم منطقة الشرق الأوسط. من ناحيته وصف وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف مقتل الجنرال سليماني بأنه من أفعال “الإرهاب الدولي” وحذر من أن هذا الفعل في واقعه “تصعيد على اقصى درجات الخطورة والحماقة”، على حد تعبيره.
قال ظريف على صفحته في موقع تويتر: “ستتحمل الولايات المتحدة مسؤولية جميع التبعات التي تترتب على فعلها المارق والمغامر هذا.”
يقول “روبرت أومالي” رئيس مجموعة الأزمة الدولية، والذي كان ايضاً منسق البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط وشمال افريقيا والخليج في عهد إدارة أوباما: “من المنظور الإيراني لا يمكن تصور استفزاز متعمد أشد من هذا، لذا من الصعب تصور أن إيران لن ترد بأسلوب هجومي عارم، وسواء قصد الرئيس ترامب أم لم يقصد فإن الأمر يرقى الى مستوى
إعلان حرب.”
تصعيد كبير
صرح البنتاغون أن قاسم سليماني، قائد قوة القدس الإيرانية، قد لقي مصرعه بضربة جوية أميركية في وقت متأخر من فجر الجمعة، وهو تصعيد دراماتيكي كبير في التوترات القائمة بين الدولتين من شأنه ان يسفر عن أعمال عنف واسعة النطاق في المنطقة وخارجها. وقال وزير الدفاع “مارك إسبر”: ان البنتاغون قد اتخذ ما وصفه بأنه “اجراءات دفاعية صارمة” ضد سليماني، وهو شخصية عسكرية تحظى باحترام كبير وله علاقات وثيقة بشبكة من الجماعات المؤيدة لإيران في منطقة الشرق الأوسط والمسؤول، كما تدعي الولايات المتحدة، عن قتل مئات الأميركيين.
أكدت إيران مقتل أحد انشط رموزها العسكرية وأقسمت على الثأر له من الولايات المتحدة. ففي بيان له يوم الجمعة قال الزعيم الإيراني الأعلى آية الله خامنئي: ان لمقتل سليماني في النفس “مرارة”، ولكن “النصر النهائي سيجعل الحياة أشد مرارة على القتلة والمجرمين”، على حد تعبيره.
قال وزير الدفاع الإيراني العميد أمير حاتمي: ان الهجوم سوف يلقى “رداً ساحقاً”، في حين وصف وزير الخارجية جواد ظريف الضربة بأنها “من افعال الارهاب الدولي، وأن الولايات المتحدة سوف تتحمل مسؤولية جميع التبعات التي تترتب على فعلها المارق والمغامر”، حسب تعبيره.
شجب رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي بدوره العملية الأميركية ووصفها بأنها “اغتيال”، مضيفاً ان قتل زعيم أحد التنظيمات العراقية يعد من أفعال العدوان على العراق وانتهاكاً لبنود الاتفاق الذي تعمل القوات الأميركية بموجبه في العراق.
رغم استمرار التوترات بالتصاعد منذ فترة طويلة بين إيران وإدارة ترامب، التي توعدت طهران بمواقف أشدّ قوة بسبب دعمها لجماعات المقاومة، شكل هذا الهجوم على أبرز شخصية في المؤسسة الأمنية الإيرانية صدمة لكثير من المحللين. جانب من المفاجأة سببه اعتقاد هؤلاء أن عملية مثل هذه يمكن أن تشعل فتيل رد إيراني ثقيل الوطأة.
يصنف “إيان غولدنبرغ”، الذي كان متخصصاً بشؤون الشرق الأوسط في إدارة الرئيس أوباما، الحركة الأخيرة بأنها “عنصر كبير في تغيير قواعد اللعبة” في المنطقة. يقول غولدنبرغ: “سوف تسعى إيران للانتقام، وهي قد تصعد في العراق ولبنان والخليج وأماكن أخرى. قد تحاول حتى استهداف مسؤولين أميركيين كبار، ولكني أشك لسوء الحظ في أن ادارة ترامب قد فكرت ملياً في الخطوة التالية او حتى إن كان لديها تصور عن كيف سيمكن تجنب نشوب حرب في المنطقة.”
يقول “مارك بوليميروباولوس”، وهو مسؤول سابق في وكالة المخابرات المركزية له خبرة واسعة في عمليات مكافحة الإرهاب خارج الولايات المتحدة: “لقد كان سليماني شخصية محبوبة وذا شعبية في إيران، وإذا ما اراد النظام الإيراني الحفاظ على شرعيته علينا ان نتوقع رداً عنيفاً ضد الولايات المتحدة. على الشعب الأميركي أن يفهم أننا ربما سنخسر حياة أميركيين جراء هذا الفعل”.
في الكونغرس انقسم الرأي ما بين الحزبين، عدا استثناءات قليلة، حيث رحب الجمهوريون بتصدي ترامب الحازم لإيران، في حين حذر الديمقراطيون من أن هذه الضربة “غير المتناسبة” سوف تؤدي الى “تصعيد شبه محتوم.” وسط هذا التأزم قفزت اسعار النفط في الاسواق الاسيوية، اذ ارتفع سعر الخام الأميركي بنسبة 1,2 بالمئة كبداية، في حين ارتفع خام برنت، الذي يرجع اليه عادة في مختلف انحاء العالم، بنسبة 1,3 بالمئة. أما عقود النفط الآجلة في بورصة نيويورك التجارية فقد شهدت قفزة أعلى اذ ارتفعت اسعار الخام الأميركي بنسبة بلغت 4 بالمئة تسليم شهر شباط.
ضربة أميركية تنال من أحد أقوى القادة العسكريين الإيرانيين
في حدث قد يؤشر أقوى تصعيد للصراع في الشرق الأوسط منذ حرب العراق أسفرت ضربة جوية فجر امس الجمعة عن مقتل اللواء قاسم سليماني، أحد أقوى القادة العسكريين في الجيش الإيراني. أكد المسؤولون الأميركيون ليل الجمعة التقارير التي بثها التلفزيون العراقي حول مقتل سليماني بضربة جوية أميركية قرب مطار بغداد الدولي، وادّعوا أن ذلك تم بسبب “تنسيقه لهجمات استمرت بالوقوع على قواعد التحالف في العراق خلال الاشهر الماضية, ومنها الهجوم الذي اسفر عن مقتل متعاقد أميركي، عدا عن تأييده للهجوم على السفارة الأميركية في بغداد الذي حدث هذا الاسبوع”، على حد زعم المسؤولين المذكورين.جاء في تصريح البنتاغون أن العملية التي اتخذت كانت دفاعية وحاسمة وبموجب أمر من الرئيس الأميركي بهدف حماية العناصر الأميركية في الخارج. بيد أن بعض الخبراء يشيرون الى ان الموقف، الذي كان حتى الان يتخذ شكل حرب منخفضة المستوى بين الولايات المتحدة وايران، أصبح قابلاً للتفجر قريباً. يقول “سيث جونز” الخبير في شؤون التطرف والحروب اللامتناظرة في الشرق الأوسط من المركز الدولي للدراسات الستراتيجية والدولية: “نحن الان ندخل مرحلة تنطوي على احتمال قوي بالتصعيد والدخول في مجابهة مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران. منطقة الشرق الأوسط ملتهبة بالصراعات وحركات الاحتجاج الواسعة النطاق أصلاً، ومن الممكن أن تتطور الأمور الان الى ما هو أسوأ بكثير.” كتب السيناتور الديمقراطي “كرس مورفي” وهو عضو رفيع المستوى في لجنة مجلس الشيوخ للعلاقات الخارجية على صفحته في موقع تويتر: “لقد كان سليماني عدواً للولايات المتحدة، ولكن هذه ليست هي المسألة. المسألة تتلخص في السؤال التالي .. هل اغتالت أميركا، وبدون أخذ اذن الكونغرس، ثاني أقوى شخصية في إيران وهي تعلم أنها قد تكون أشعلت فتيل حرب كبرى في المنطقة؟”قال التلفزيون العراقي: ان أبو مهدي المهندس، وهو نائب قائد القوات المعروفة بقوات الحشد العراقي. المفارقة هنا أن واشنطن نفسها كانت قد اثنت على هذه القوات وفضلها في دحر عصابات
“داعش” في العراق.
تصعيد دراماتيكي
في تصعيد دراماتيكي كبير للصراع الدموي القائم بين واشنطن وطهران من أجل فرض نفوذهما على المنطقة أعلن البيت الأبيض أن دونالد ترامب قد أمر بتوجيه ضربة جوية أدت الى مقتل الجنرال قاسم سليماني في بغداد خلال الساعات الأولى من صباح امس الجمعة. استهدف سليماني عندما كان يستقل السيارة من مطار بغداد مصحوباً برجال تابعين لوحدات الحشد الشعبي العراقي، وكان من بين قتلى الهجوم ايضاً أبو مهدي المهندس وهو من الشخصيات المقربة من سليماني.
أمر المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي بإعلان الحداد لثلاثة أيام وتعهد بأن الولايات المتحدة سوف تواجه “انتقاماً صارماً” بسبب مقتل سليماني، على حد تعبيره. أما الرئيس الإيراني حسن روحاني فقد صرح: “استشهاد سليماني سوف يزيد إيران عزماً على مقاومة النزعة التوسعية الأميركية والدفاع عن قيمنا الاسلامية. ليس هنالك ادنى شك في أن إيران ومعها سائر الدول المتطلعة الى الحرية في المنطقة سوف تثأر له.”
أمر ترامب بتوجيه الضربة في وقت كان فيه الكونغرس الأميركي في عطلة، وقد طرح البيت الأبيض فعلته تحت غطاء الدفاع عن النفس مؤطراً بإطار عمليات مكافحة الارهاب. ولكن الديمقراطيين في الكونغرس، وربما بعض الجمهوريين ايضاً، يرون أن الأمر فيه تجاوز على صلاحيات السلطة التشريعية في اتخاذ القرارات المتعلقة بالحرب والسلام.
كتب السيناتور الديمقراطي “كرس مورفي” على موقع تويتر قائلاً: “احد الاسباب التي تجعلنا نحجم عن اغتيال المسؤولين السياسيين الأجانب هو يقيننا بأن مثل هذا الفعل لا بد من أن يؤدي الى مقتل مزيد من الأميركيين لا أقل. في هذه الليلة يجب أن يكون هذا هو قلقنا الحقيقي والضاغط الأعظم.”
إيران تتوعد بانتقام قاس
في تصعيد خطير لأجواء العداء بين واشنطن وطهران في الشرق الأوسط تعهد المرشد الإيراني الأعلى بالثأر لمقتل قاسم سليماني قائد العمليات الخاصة خارج إيران، حيث قطع علي خامنئي عهداً بانزال رد قاس جزاء على اغتيال سليماني قائد قوة النخبة في الحرس الثوري الإيراني المسماة قوات القدس.
من المتوقع أن تكون لمقتل الجنرال الإيراني المذكور عواقب خطيرة، فموقعه في القوات الإيرانية كان يوصف بأنه المكافئ لمنصب رئيس قيادة العمليات الخاصة المشتركة الإيرانية.
اغتيال سليماني داخل العراق ومعه ابو مهدي المهندس، وهو شخصية قيادية كبيرة في قوات الحشد العراقية، يتوقع له أن يستثير الجماعات الشيعية في العراق كما سيسلط ضغطاً على حكومة عادل عبد المهدي في بغداد. وقد كان عبد المهدي سريعاً في شجب عملية القتل ووصفها بأنها سوف تطلق شرارة حرب مدمرة في العراق، على حد تعبيره، مضيفاً أنها انتهاك للاتفاقية التي تسمح للأميركيين بالتواجد في العراق. بعد ذلك دعا البرلمان للانعقاد في جلسة استثنائية.
أما رد إيران فمن غير الواضح بعد كيف سيكون، لأن إيران تواجه في حالة ترامب خصماً يصعب التنبؤ بتصرفاته، فهو يتذبذب ما بين الدعوة للحوار تارة والعنف المتفجر تارة اخرى. بيد أن إيران هي الأخرى سبق أن أظهرت استعدادها للرد على أي تصعيد بتصعيد مقابل من جانبها.
كتب “شارلز لستر”، الباحث في معهد الشرق الأوسط “إن تكن أميركا سيدة العالم بمقاييس القوة العسكرية التقليدية فإن لإيران اليد الأطغى في مجال الحرب اللامتناظرة .. كالصواريخ والتفجيرات والاغتيالات وحتى الهجمات مثل تلك التي اصابت منشآت النفط السعودية في أيلول 2019”.