متاعب صحيَّة وراء العبء المزدوج لسوء التغذية أو زيادة الوزن

من القضاء 2020/01/06
...

ترجمة/ نادية المختار
لم يعد نقص التغذية أو زيادة الوزن، منفصلين عن مشكلات الصحة العامة. ففي مقال جديد نشر مؤخرا في مجلة “التغذية والسكان” أوضح، كيف يواجه أكثر من بلد من بين ثلاثة بلدان أخرى منخفضة ومتوسطة الدخل، سوء التغذية الملحوظ، فيما توجد بلدان أخرى تتسم بسمنة أفرادها  وزيادة أوزانهم بشكل واضح، وهي حقيقة يقودها نظام الغذاء الحديث.لا بد من الاشارة الى أن هناك حاجة الى مقاربة جديدة للنظم الغذائية لمساعدة البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل على الحد من السمنة ونقص التغذية. وهما مسألتان أصبحتا متصلتين بشكل متزايد. 
يمثل التعايش بين نقص التغذية وزيادة الوزن/ السمنة، وهي ظاهرة تسمى العبء المزدوج لسوء التغذية، تحديا عالميا للصحة العامة، قائما على جميع المستويات من الفرد الى السكان، لاسيما في البلدان المنخفضة الدخل الى المتوسطة. وتبين من البحوث المتعلقة بسوء التغذية في اندونيسيا على سبيل المثال- ان نحو 20 بالمئة من الأسر المعيشية تحمل عبئا مزدوجا من سوء التغذية. ويؤكد تقرير جديد اهمية المحددات الاجتماعية والسياقية في مكافحه كلا الشكلين 
من سوء التغذية. 
يقول البروفيسور باري بوبكين، المؤلف الرئيس للبحث، وأستاذ التغذية في جامعة نورث كارولينا للصحة العامة العالمية في الولايات المتحدة: “يظهر بحثنا أن مستويات زيادة الوزن والسمنة لا تقل عن 20 بالمئة بين البالغين موجودة في جميع البلدان ذات الدخل المنخفض. وعلاوة على ذلك، فان العبء المزدوج لمستويات عالية من نقص التغذية والوزن الزائد يحدث بشكل أساس في البلدان ذات الدخل المنخفض وهو الواقع الذي يحركه النظام الغذائي الحديث. فهذا النظام له نطاق عالمي ويمنع البلدان والأسر المنخفضة الدخل وحتى المعتدلة من استهلاك وجبات صحية آمنة وبأسعار معقولة وصحية بطريقة مستدامة.”
ويقول البروفيسور مسعود جاسمي، استاذ التغذية في جامعة الطب بأندونيسيا: “من نواح كثيرة، تعد اندونيسيا مثالا رئيسيا لدراسة هذه الظواهر باعتبارها رابع أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان، تمر بمرحلة انتقالية سريعة للغاية- اقتصاديا وديموغرافيا وصحيا، وكذلك من حيث التغذية. فقد تحول النظام الغذائي الأندونيسي سريعا جدا من وجباته الغذائية التقليدية عالية الحبوب والألياف الى النمط الغربي للنظام الغذائي الذي يحتوي على نسبة عالية من السكريات والدهون والأطعمة ذات المصدر الحيواني. وقد تسبب ذلك بارتفاع سريع في انتشار زيادة الوزن والسمنة. في حين أن نقص التغذية لا يزال مصدر قلق كبير للصحة
 العامة.” 
فعلى الصعيد العالمي، تشير التقديرات الى أن نحو 2.3 مليار طفل وبالغ يعانون من زيادة الوزن، وأكثر من 150 مليون طفل يعانون من حالات التقزم. وفي البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط، تتداخل هذه القضايا الناشئة في الأفراد والأسر 
والمجتمعات. 
ويستكشف البحث الاتجاهات الكامنة وراء هذا التقاطع، والمعروفة باسم العبء المزدوج لسوء التغذية، وكذلك التغيرات المجتمعية والغذائية التي قد تتسبب في حدوثها، وتفسيرها البيولوجي وآثارها، وتدابير السياسة التي قد تساعد في معالجة سوء التغذية بكل نماذج أشكاله.
استخدم بوبكين وفريقه البحثي، بيانات المسح من البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل في التسعينيات وصولا الى العام 2010 ، لتقدير البلدان التي واجهت عبئا مزدوجا 
من سوء التغذية.  
مما يعني أن أكثر من 15 بالمئة من السكان يعانون من الهزال، وأكثر من 30 بالمئة يعانون من التقزم، وأكثر من 20 بالمئة من النساء يعانين من النحافة، وأكثر من 20 بالمئة من الناس يعانون من زيادة الوزن.
وقد أظهرت النتائج، أن أكثر من ثلث البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل تعاني من أشكال سوء التغذية. والمشكلة شائعة بشكل خاص في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وجنوب وشرق آسيا والمحيط الهادئ، 
حيث تأثرت 29 دولة بذلك.
وفي العام 2010، وضعت 14 دولة من أدنى الدخول في العالم حديثا، عبئا مزدوجا لمشاكل سوء التغذية. ومع ذلك، تأثر عدد أقل من البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل بسوء التغذية مقارنة بالبلدان الأخرى التي تتمتع بأعلى مستويات الدخل في العام 1990. 
ويقول بوبكين: “تعد مشكلات سوء التغذية الناشئة مؤشرا صارخا على الأشخاص الذين لا يتمتعون بالحماية من العوامل التي تدفعهم الى اتباع نظام غذائي بائس. اذ أن أفقر البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل تشهد تحولا سريعا في طريقة اتباعهم نظم الطعام والشراب، وتحركاتهم البدنية في مكان وظائفهم وفي بيوتهم، ووسائل تنقلاتهم، وفي أوقات فراغهم. 
لكون واقع التغذية الجديد مدفوع بالتغييرات التي طرأت على النظام الغذائي والتي حققت زيادة التوافر العالمي للأطعمة فائقة التجهيز المرتبطة بزيادة الوزن مع التأثير السلبي على وجبات الأطفال الرضع وما قبل المدرسة.  وتشمل هذه التغييرات اختفاء أسواق الأغذية الطازجة وزيادة أعداد محلات التسوق (السوبر ماركت) والسيطرة على السلسلة الغذائية من خلال تلك المحلات، اضافة الى انتشار شركات التموين والزراعة في 
العديد من البلدان.”
ويسعى بروبكين، الى استكشاف سلسلة الآثار الفسيولوجية للعبء المزدوج لسوء التغذية، يوصي بضرورة التدخلات التي تقلل من مخاطر نقص التغذية ومنع السمنة والأمراض ذات الصلة. 
 
عن ساينس ديلي