صحافة الفيس بوك

الصفحة الاخيرة 2020/01/11
...

سامر المشعل

في السابق كانت شاشة التلفزيون تكشف عن ثقافة الفنان ومستوى وعيه وأفكاره ومدى لباقته ومنطقه، وتضعه مباشرة أمام الجمهور والمشاهدين، وتظهر ذوقه ومظهره ووسامته.. أما  الاذاعة فهي كفيلة بتعريف المستمعين بشخصيته.
أما الصحافة فقد تختفي شخصية الفنان خلف حروف الصحفي واسلوبه في تزويق حديث الفنان، ويلجأ الصحفي عادة الى تعديل وتغيير اجابات ذلك الفنان ويعمل على مجاملته بدافع الحرص على اظهار الحوار الصحفي بشكل لائق ومقبول أو بهدف المصلحة الشخصية والانتفاع.
وهذه الظاهرة كانت وما زالت سارية المفعول، وخصوصا في مجال الغناء والتشكيل، فهذان الحقلان تتقدم فيهما الموهبة في احيان كثيرة على الثقافة العامة، فهي هبة ربانية يميز بها الخالق ذلك الشخص بالصوت الجميل من دون سواه، فجمال الصوت هبة من السماء وليست صفة مكتسبة، ولو كانت مكتسبة لأصبح جميع الملحنين والموسيقيين مطربين !!. وفي حقل التشكيل، الذي يعتمد قدرة الفنان على التأمل والتخيل في اجتراح افكار تشكيلية وتجسيدها على اللوحة بألوان تعكس انفعالات الرسام لحظتها، من دون ان يملك الكثير من التشكيليين القدرة عن الافصاح بمكنون ابداعهم باللغة المحكية بذات مستوى ابداعهم على سطح اللوحة.
وفي أحيان قليلة تتفوق فيها ثقافة الفنان على الصحفي وخصوصا في السنوات الاخيرة، عندما فتحت الصحافة ابوابها الى الكثير من الصحفيات والصحفيين غير المؤهلين ثقافيا، فلا تسعفهم ثقافتهم بالارتقاء الى مستوى منطق وافكار الفنان.
وفي ضوء معطيات ثورة التواصل الاجتماعي " السوشل ميديا " ظهرت لنا صحافة الفيس بوك، التي جعلت تواصل الصحفي مع الفنان امراً سهلا مع الفنان، التي غالبا ما يجيب عنها عبر الرسائل التي تحفل بالاخطاء اللغوية والاملائية من كلا الطرفين، فتقع البلوى على المصحح اللغوي أو المسؤول عن التحرير في تصحيح أخطاء الاثنين، لذا تخرج المقابلة الصحفية من دون وصف، خالية من الروح، والتفاعل الانساني، فتظهر أغلب اللقاءات، باهتة، لسبب بسيط انهما لم يلتقيا أو يتعارفا اصلا، وعلى هذا المنوال ترد الاخبار بنقل حرفي جامد مستلة من الصفحة الشخصية لذلك الفنان، الذي يقيم في قارة أخرى أو في المدينة نفسها.فصحافة الفيس بوك تعد نوعا من ايهام القارئ في نقل المعلومات واللقاءات من العالم الافتراضي الى العالم الواقعي من دون عناء أو تعب، وهذه واحدة من الاسباب التي دعت الى تراجع الصحافة الورقية.