منعطف جديد في العلاقات العراقية الأميركية

العراق 2020/01/18
...

ترجمة: خالد قاسم
 
 
بلغ اغتيال اللواء قاسم سليماني مكانة الشهيد العالمي، وكان سليماني يحمل جوازا دبلوماسيا عند زيارته بغداد اضافة الى رد بلاده على مبادرة سلام سعودية. وعلى النقيض من ذلك، كشف الرئيس دونالد ترامب عن المزيد من غضبه الداخلي أكثر مما يريد، أو ربما كشف أكثر مما اعترف به بنفسه.
مع انكشاف الأحداث وخلفيات القصة، فإحساس ترامب بالواقع قد يكون عرضة للتساؤل من وجهة نظر ايحائه المذهل بأنه “مستعد لعقد اتفاق نووي جديد مع ايران”، مع أنه أمر بعقوبات اضافية ضد طهران.
لا ينكر أحد أن طبيعة الاغتيال متطابقة مع الأسلوب الاسرائيلي في التدمير المبالغ به بالقتل والابادة ضد الانسانية كما نراها في غزة والقدس بشكل يومي. وطبيعة الفعل نفسه وهي العنف المطلق لإزالة انسان آخر تتجاوز الإدراك، ويبدو أنها ليست كافية لإرضاء غضب ترامب، اذ استمر بعدها بإصدار سلسلة تهديدات غير عقلانية تجاه ايران واتهامات بدون أساس عن سليماني الذي قاد الحملة الناجحة لدحر داعش في العراق وسوريا. ورغم التبجح الكاذب فانفجار ترامب الاعلامي كان عرض ترهيب لطبيعة بشرية حاقدة أكثر منه استعراض قوة وشجاعة.
بعد 42 ساعة على الاغتيال وقف ترامب أمام المؤتمر الوطني لجمعية المحاربين القدامى حيث أظهر بانفصال تام عن الواقع: “سحبتُ الولايات المتحدة من اتفاق نووي أحادي الجانب وايران لم تعد الدولة نفسها بعد الآن، سوف نرى ما يحدث لكننا مستعدون لعقد اتفاق حقيقي، وليس اتفاقا عقدته الادارة السابقة وكان كارثيا.” هل من العقلاني النظر باتفاق نووي جديد مع ايران بعد اغتيال أكبر قادتها العسكريين؟
ظهر ترامب لاحقا متحدثا بنفس اللغة الخطابية القتالية، وأثار مجددا امكانية اتفاق نووي جديد مع ايران “علينا العمل جميعا لعقد اتفاق مع ايران يجعل العالم أكثر أمانا وسلاما، والولايات المتحدة جاهزة لتبني السلام مع كل من يسعى اليه”، كما لو أن الاغتيال حدث قبل مدة طويلة جدا.
مع استمرار ترامب بانتقاد سليماني بعد موته بشأن زعزعة استقرار الشرق الأوسط، فكل كلمة أطلقها عن الارهابيين تنطبق بسهولة عليه وعلى بلاده أو باراك أوباما أو جورج دبليو بوش بسبب حملتهم المستمرة للحفاظ على الامبراطورية.
يدعي ترامب بمبالغة كبيرة أن “الولايات المتحدة أنجزت استقلال الطاقة، ونحن الآن المنتج الرقم واحد للنفط والغاز الطبيعي في جميع أنحاء العالم. نحن مستقلون ولا نحتاج الى نفط الشرق الأوسط”. لذلك دعونا نأخذ كلامه على محمل الجد وأن أميركا حققت فعلا استقلال الطاقة الموثوق طويل المدى، لذلك نبادر فورا بستراتيجية انسحاب من أفغانستان والعراق وسوريا واليمن والسعودية وكل مكان تحمي فيه القوات الأميركية أنابيب النفط.
يتمتع الايرانيون بالتفكير طويل المدى وواسع النطاق وقد يرون حكمة بالذهاب عبر اجراءات الاتفاق الجديد مع أميركا لكن المال الذكي سينفق على العمليات السرية التي تنجز العدالة لسليماني، مثلما قد حان الوقت لاسرائيل لخوض معاركها بنفسها.
ريني بارسونز/موقع غلوبال ريسيرتش