بعد مواجهات ضارية وأعمال عنف.. الهدوء يعود إلى بيروت

الرياضة 2020/01/19
...

بيروت/جبار عودة الخطاط
 

حبسَ اللبنانيونَ أنفاسهم وهم يلمسون ضراوة المواجهات التي حولت وسط بيروت الى ما يشبه ساحة المعركة بين مجاميع من المحتجين والقوى الأمنية التي عملت جاهدة على استيعاب الموقف المتأزم وتطويق كرة النار المتدحرجة بقوة بعد اشتداد غضب التظاهرات التي انطلقت من عدد من المناطق اللبنانية باتجاه وسط بيروت لتتحول عند أحد مداخل ساحة النجمة لناحية البلدية الى مواجهات عنيفة مع قوى مكافحة الشغب. 
 
مخاوف جمة
المواجهات العنيفة والتي جنحت الى حالات الكر والفر في وسط العاصمة والتي سقط فيها مئات الجرحى أثارت مخاوف جمة من لدن أغلب الساسة والشعب بعد انزلاق الوضع الى حالة تنذر بالكثير.. وقد تصاعدت حدة المواجهة في محيط مجلس النواب في ساحة النجمة بين القوى الامنية والمحتجين الذين قاموا برمي الحجارة والعوائق الحديدية والاشجار والمفرقعات باتجاه القوى الامنية التي ردت بخراطيم المياه والقنابل المسيلة للدموع حيث عمدت مجموعة من الشباب الغاضب إلى اطلاق المفرقعات النارية بكثافة، فضلا عن قنبلة مولوتوف رماها أحدهم وتم انتزاع واجهات زجاجية من محال في المنطقة كما تم تحطيم وإحراق واجهات عدد من المصارف في وسط المدينة.  القوات الأمنية من جهتها عمدت الى اطلاق القنابل المسيلة للدموع، واستخدام خراطيم المياه باتجاه المحتجين الذين تراجعوا  قليلا عن مدخل البرلمان. 
 
بيت الكتائب
وقد شهدت الساعات المتأخرة من ليل السبت على الأحد اشتداد المواجهات أمام (بيت الكتائب المركزي) في منطقة الصيفي، بعد أن تحركت مجموعة ساخطة بشكل عنيف وتوجهت على أثرها قوة كبيرة من مكافحة الشغب ترافقها آلية اطفاء عسكرية، عملت  على توجيه خراطيم المياه باتجاه المجموعة المحتجة والعمل على إخماد الحرائق التي شبت في المكان الذي سادته حالة من السجال الحركي بين المتظاهرين وقوى الأمن والتي كانت  تتراجع أحياناً لحماية عناصرها من الحجارة والمفرقعات النارية.وذكر شهود عيان لـ "الصباح" بان المتظاهرين استخدموا أشعة الليزر الخضراء لمحاولة التأثير على رؤية عناصر الأمن في الجانب الآخر.
وعمدت مجموعة محتجة الى إلقاء قنبلة مولوتوف على بنك البحر المتوسط بالصيفي، ما أدى لاشتعال النيران فيه" . 
 
حرق خيام
على الضفة الأخرى قامت مجموعة ليل السبت باحراق خيم المحتجين تحت مبنى العازارية وقد امتدت النيران الى الحوانيت التجارية المجاورة.
ولم تحدد هوية الجهة الفاعلة حيث اوضحت قوى الامن أن من قام بإحراق الخيم في ساحة رياض الصلح ليس من عناصر قوى الأمن الداخلي كما جرى التداول في بعض وسائل الإعلام. 
الى ذلك قام محتجون فجر أمس الأحد بإشعال حزام ناري امام شركة الكهرباء في صيدا، للإعراب عن غضبهم ونقمتهم، جاء ذلك في إطار التحركات التي  شهدتها صيدا ليلا، والتي أعلن المحتجون فيها عن  "تضامنهم مع المحتجين في بيروت، وكي يؤكدوا ان الحراك متواصل حتى تحقيق المطالب".
وأمام تطور الموقف وتأزمه واتساع نطاقه الساخن وبعد مرور خمس ساعات على  موجات الاشتباك  العنيف في وسط بيروت، والتي أسفرت عن سقوط مئات الجرحى فضلاً عن الأضرار الكبيرة في المرافق العامة والخاصة، تدخل الجيش اللبناني وتمكن بمؤازرة قوى الأمن الداخلي من فرض الهدوء في مختلف الساحات في وسط العاصمة بعد أن خلّفت تلك المواجهات الضارية وفقاً لـوكالة "أ.ف.ب"   400 مصابا .الناشطون في الحراك الاحتجاجي بدورهم ، نفوا مشاركة " الثوار في أعمال الشغب الجارية في وسط بيروت"، واصفين المشاركين في هذه الأعمال بـ"المشاغبين والمندسين الذين يريدون تخريب وتشويه صورة الثورة".
 
عون والحريري يتدخلان
الرئيس اللبناني العماد ميشال عون الذي كان يراقب الوضع من قصر بعبدا اتصل بكل من وزير الدفاع الياس بو صعب ووزيرة الداخلية ريا الحسن وقائد الجيش العماد جوزيف عون والمدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان ودعاهم للحفاظ على امن المتظاهرين السلميين والأملاك العامة والخاصة واعادة الهدوء الى وسط بيروت.
كما صرح رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، عبر حسابه في "تويتر" قائلا: "مشهد المواجهات والحرائق وأعمال التخريب في وسط بيروت، مشهد مجنون ومشبوه ومرفوض يهدد السلم الأهلي وينذر بأوخم العواقب. لن تكون بيروت ساحة للمرتزقة والسياسات المتعمدة لضرب سلمية التحركات الشعبية".
مضيفاً : "لن يحترق حلم رفيق الحريري بعاصمة موحدة لكل اللبنانيين، بنيران الخارجين على القانون وسلمية التحركات. ولن نسمح لأي كان باعادة بيروت ساحة للدمار والخراب وخطوط التماس، والقوى العسكرية والأمنية مدعوة إلى حماية العاصمة ودورها، وكبح جماح العابثين والمندسين".
تحقيق شفاف
وزيرة الداخلية في حكومة تصريف الأعمال ريا الحسن، وعبر مصادر مقرّبة منها أعلنت أنها "ناقشت مع ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش، ما حصل بين قوى الأمن والمتظاهرين بالتفصيل، وأطلعته على حقيقة ما حصل، وأبلغته أنها طلبت إجراء تحقيق شفّاف، حيال ممارسة القوّة مع بعض المتظاهرين"، مؤكدة أن "الحسن رفضت في الوقت نفسه ممارسة العنف ضدّ القوى الأمنية".ولفتت المصادر الى أن "وزارة الداخلية تتفهّم غضب الناس، والظروف التي دفعت الشباب لإطلاق هذه الثورة، لكن في نفس الوقت نناشد المتظاهرين أن يحافظوا على علاقتهم الجيدة مع القوى الأمنية، وعدم التعرض للممتلكات العامة والخاصة، كما تطلب دائماً من ضبّاط وعناصر قوى الأمن الموجودين على الأرض، ممارسة أعلى درجات ضبط النفس، وألّا يردّوا على الاعتداءات التي يتعرضون لها بالقمع والعنف".
القضاء والمحتجون
وعقب تسرب تسجيل صوتي عبر مواقع التواصل الاجتماعي يفيد كما يُدعى فيه بارتباط المجاميع الناقمة بوزير العدل اللبناني الأسبق أشرف ريفي.
رفض الوزير ريفي ذلك التسجيل الصوتي الذي يتم تداوله، والذي يدّعي أن "متظاهرين مدفوعين مني ومن حراس المدينة والمخابرات التركية".
وأكد ريفي في بيان له أن "هذا التسجيل الفتنة يهدف الى تشويه الانتفاضة الشعبية وشيطنتها، والجميع يعرف أن ما يحرك ثورة اللبنانيين الانهيار الذي سببته السلطة ومن يحميها".أما  النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات فأشار، إلى أن "السلطة القضائية تسهر على احترام الحريات العامة، بما فيها حرية التعبير والتظاهر"، مؤكدا أن "الأجهزة تقوم بواجباتها كاملة في حفظ الأمن والاستقرار ومنع التخريب الذي يلحق بالممتلكات العامة والخاصة، وهي تعمل بإشارة القضاء"، نافياً صحة الاتهامات بانتهاكات لحقوق الإنسان.مشدداً على أن: "القضاء تعامل بمنتهى المسؤولية مع التوقيفات التي حصلت(بعد الاحتجاجات) ، وأعطى الأمر بإطلاق سراح كلّ من يجب تركه.
 
المستقبل ينفي
وقد تناقلت وسائل إعلام لبنانية معلومات تفيد بضلوع تيار المستقبل الذي يتزعمه رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري بنقل المجاميع المحتجة من مناطق لبنانية الى وسط بيروت الأمر الذي استدعى اصدار بيان عن "تيار المستقبل" جاء فيه: " يتداول محللون على بعض المحطات التلفزيونية، معلومات مختلقة يجري نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي عن قيام "تيار المستقبل" بنقل مجموعات من طرابلس وعكار والضنية إلى بيروت، لتشارك في أعمال الشغب التي شهدتها العاصمة والضغط على الرئيس المكلف" وأضاف  تيار المستقبل" التيار اذ ينفي هذه الأخبار الملفقة ويضعها في سياق الحملات المشبوهة لتعكير السلم الأهلي، ينبه وسائل الإعلام إلى السلبيات التي تترتب على تبني مقولات تحريضية لا أساس لها من الصحة، وتحجب الأضواء عن حملات الشغب التي تتعرض لها العاصمة بيروت، ويؤكد على المواقف التي تصدر عن الرئيس سعد الحريري دون سواها من ادعاءات وتحليلات". 
انتخابات مبكرة
من جهته رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل جدد الدعوة إلى انتخابات نيابية مبكرة تسحب غضب الشارع، معتبرًا" أن تشكيل هذه الحكومة هو استهزاء بالناس"، لافتا الى" أن الناس تحملت كثيرًا، أما اليوم فهي مسؤولية السلطة والحل الوحيد هو استقالة كل الطبقة السياسية الحاكمة والذهاب الى انتخابات نيابية مبكرة" ، مؤكداً "أن حزب الكتائب دعا كل النواب إلى تقديم استقالة جماعية لإجراء انتخابات كما قدّم قانونًا لتقصير ولاية المجلس الحالي"
 
شكلوا الحكومة! 
رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري الذي دأب  على تكثيف تغريداته عبر مواقع التواصل الاجتماعي ليومي السبت والأحد.. أشار بقوله إلى اننا "خفنا على بيروت أمس لكنها لملمت كعادتها جراح ابنائها من قوى الأمن والمتظاهرين ومسحت عن وجهها آثار الغضب والشغب ودخان الحرائق". وقال: "نسأل الله ان يمن على كل المصابين بالشفاء والسلامة وأن يجنب بلدنا خطر الوقوع في الفتن".
ورأى الحريري  أنه "هناك طريقا لتهدئة العاصفة الشعبية. توقفوا عن هدر الوقت وشكلوا الحكومة وافتحوا الباب للحلول السياسية والاقتصادية". واعتبر ان "بقاء الجيش والقوى الأمنية والمتظاهرين في حالة مواجهة... دوران في المشكلة وليس حلاً".
 
خروج الأفعى
وبالعودة الى عقدة تشكيل الحكومة العويصة والتي كانت يوم الجمعة قاب قوسين أو أدنى من الحلحلة والتأليف يبدو أن الرئيس المكلف ما زال متمسكاً بحكومة قوامها 18 وزيرا فقط في حين تريد القوى السياسية في فريق 8 آذار أن تكون الحكومة الجديدة مؤلفة من 24 وزيراً  كما أن الحديث عن حلحلة عقدة تيار المردة والوزير أرسلان لم نجد لها أثراً على أرض الواقع كما قيل بهذا السياق .