النساء في عيون النساء

ثقافة 2020/01/24
...

 مرغريت دوفَي
ترجمة : عادل العامل
نادراً ما تُرى الأحوال الأنثوية من خلال عيون فنانات أناث ولو تجولتَ في معظم متاحف الفن وصالوناته، فإنك سترى الكثير من النساء المؤطَّرات على الجدران غير أن الغالبية العظمى من صور النساء هذه مرسومة بأيدي فنانين من الرجال وليس هناك ما يُدهش في ذلك فالتباين التاريخي بين الرجال والنساء في الفنون موثَّق جيداً وإن لم يتم الانكباب عليه بشكل جيد لكن من المهم التأمل في التفرّعات مليّاً: إذا كان الرجال وراء معظم تصويرات النساء، فهل أنشأوا من خلال ذلك معيار الجمال الأنثوي حرفياً ؟ وهل شوّهوا معنى 
الأنثوية بعملهم هذا؟  
يمكن القول إن القليل من النساء فقط قد انشأن صورهن الخاصة وقد وجدت دراسة حديثة لـ 18 متحفاً بارزاً في الولايات المتحدة أن 85 بالمئة من الفنانين في مجموعاتهم كانوا بيضاً و87 بالمئة ذكوراً ويحتوي معهد مينيابوليس للفن على مجموعة من هذه الأعمال التي تصوّر نساءً من خلال عيون فنانات من النساء، والتي يمكن مشاهدتها في معرض 
المعهد المذكور.
فنجد البروفيسورة كاثرين توركزان، مثلاً، تلتقط في لوحتها “الأخت سولوميا” العزلة التقية لراهبة شابة بأوكرانيا، حيث يتباين وجه الراهبة الطفولي مع وضعها الجامد، والعادة المحافظة، والتعبير الجادّ، للتعريف بمستوى الضبط أو الكبح غير العادي بالنسبة لعمرها. وقد تكون الراهبة، بمواجهتها النافذة المفتوحة، في حالة تأمّل للانفصال الذي تعيشه 
عن بقية العالم. 
ولقد أعلنت الرسّامة مارغريت ثومبسون زوراك ذات يوم، وهي فنانة بارزة في الحداثة الأميركية، أن الفن المنكَبّ على التعبير عن الروح الداخلية للأشخاص والأشياء سيشرد حتماً من اجتماعات اللون والشكل.” وفي لوحتها “عاريان”، نرى أنثى عارية تمثّل زوراخ نفسها وتشكل البؤرة المركزية للوحتها هذه. وهي تواجه نظرة المشاهد بتحديق لا حياء فيه. وتبدو هناك أزواج من الأضداد أو التقابلات، التي تقيم توازناً في مضمون اللوحة ــ رجل/ امرأة، قرية/ غابة، ظلام/ ضوء، مصباح اصطناعي/ شمس سماوية.
بينما تستحضر روث بيرنهارد في لوحتها “الحرير الندي Wet Silk  “ أساليب اللباس الشائعة في النحت الإغريقي القديم لتمنح الجسد الأنثوي مظهراً أثيرياً فنرى المادة اللطيفة تولّد، وهي تتحول بين البوح والإخفاء، انطباعاً حسّياً وتقوم بيرنهارد هنا بتسليط الضوء على كلٍّ من جمال الشكل الأنثوي وامتداده في هذه الصورة الجريئة والمألوفة عن بُعدٍ مع هذا كما أنها بتشبيهها الجسد الأنثوي الحقيقي بتماثيل الإلهات، تبيّن ما هو إلهي ضمن البشري.  
أما بالنسبة للوحة جوان براون “صورة فتاة Portrait of a Girl”، وهي صورة ذاتية مذهلة، فإن الفنانة هنا تعيد تخيّل صورتين فوتوغرافيتين لها في الطفولة وقد قامت، باستخدامها ألواناً جريئة وخطوطاً قوية، بإحياء تنّين صيني من كتاب بالأبيض والأسود موجود لديها ونجد التنين يغلب على صورة بريئة لبراون الفتاة لتوفير نظرة خاطفة إلى تخيّلها الحيوي وتبدو أجزاء من التنين على الأرضية للإيحاء بعمق الفكرة التي وراء ما يتعلق نموذجياً بفتاة مراهقة.  
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 
عن / Medium Daily Digest