حكومة لبنان أمام تحدي ثقة الشارع

الرياضة 2020/01/25
...

بيروت/جبار عودة الخطاط 
 
أعباء كبيرة لا يستهان بثقلها تنفتح على عدة اتجاهات داخلية وخارجية، مطلوب من حكومة الدكتور حسان دياب النهوض بها وتجاوز مكامن الخلل والأزمات في مفاصلها الحيوية الحرجة، ولعل أبرز تحديين يواجهان الحكومة الجديدة هما، استعادة ثقة الشارع اللبناني المنهارة بطبقته السياسية من خلال أداء فاعل يلمس المواطن مفاعيله على أرض الواقع، وثانيا إقناع المجتمع الدولي بأن الحكومة الجديدة ماضية في منهج الإصلاح ومعالجة الفساد والهدر في المال فضلاً عن ملفات سياسية تتصل بالعلاقة مع أميركا والغرب وإفراز ذلك على الواقع اللبناني ببعديه الإقتصادي والحياتي..

 مراقبون لبنانيون قدموا تفاؤلا حذراً في أداء مقبول سيلمسه المراقب من فريق دياب الحكومي ما لم تعترضه تقاطعات سياسية يمكن أن تفضي الى تعويق العمل وإجهاضه.. بينما رأى آخرون أن الأزمات كبيرة جداً ومسألة حلحلتها مرتبطة بإرادة سياسية عليها أن لا تسقط حساباتها على الشارع لتحفيز غرائزه الطائفية والمناطقية.  
 
إصلاحات جذرية
العامل الدولي تمثل بمجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان التي أصدرت بيانا مشتركا بعد تشكيل الحكومة اللبنانية حثت فيه «الحكومة الجديدة على الإسراع في اعتماد بيان وزاري مع مجموعة التدابير والإصلاحات الجذرية وذات المصداقية والشاملة، القادرة على تلبية طلبات الشعب اللبناني».
واعتبرت ان» التطبيق السريع والحاسم سيكون أمرا أساسيا لوقف عدد من الأزمات المتفاقمة التي يواجهها البلد وأبناؤه». وأعادت المجموعة التذكير ببيانها الصادر في 11 كانون الأول 2019 «والذي رسم خارطة طريق للمضي قدما في إصلاحات فورية وطويلة الأمد، تماشيا مع التزامات لبنان السابقة»مشجعة الحكومة الجديدة على «المضي قدما في مثل هذه الإصلاحات اللازمة لوقف تدهور الوضع الاقتصادي، واستعادة التوازن النقدي والاستقرار المالي، ومعالجة أوجه القصور الهيكلية الراسخة في الاقتصاد اللبناني. في ظل غياب الاصلاح» مذكرة بأن «اقتصاد لبنان وسكانه يعتمد على التمويل الخارجي مما يجعله عرضة لمصاعب متزايدة. 
 
تفعيل المادة 65
في هذا السياق أعرب الرئيس اللبناني العماد ميشال عون، عن  تفاؤله بأداء الحكومة الجديدة ومقدرة طاقمها بما يمتلكه من مؤهلات على النهوض بواقع البلاد من الأزمة الخانقة، رافضاً أساليب «العرقلة والمماطلة» في العمل الحكومي، غامزا من قناة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، وبعض الاطراف الاخرى. 
ونقل عن عون وفقاً لزواره تشديده على نيته تفعيل المادة 65 من الدستور التي تجعل  التصويت وفق مبدأ الأغلبية لاتخاذ القرارات في مجلس الوزراء ، مؤكداً على أنه لن يقبل بعد اليوم بأن يكون طلب الإجماع سببا لعرقلة المشاريع، معتبرا من جهة أخرى أن الأزمة المالية التي تضرب لبنان هي مسؤولية مشتركة بين حاكمية مصارف لبنان ووزارة المال. أما الوزير السابق وئام وهاب فغرد عبر حسابه على تويتر قائلا: «لأني حريص على نجاح الحكومة أعتقد أن عدة أمور تساعد دولياً منها منع التدخل في القضاء لأن بري والحريري مارسا هذا التدخل، الحريري لمصالحه وأحقاده ضد خصومه وبري في موضوع هنيبعل، وإقالة الموظفين الفاسدين فوراً، اضافة الى معالجة ملف الكهرباء بشفافية. من دون ذلك السقوط».
وقال في تغريدة أخرى: «إذا اقتنع ملوك الفساد بأن ما كان يصح قبل 17 تشرين لا يصح بعده وتركوا الحكومة تعمل عندها فقط يمكن إنقاذ الوضع من السقوط الشرط الأول أوقفوا سعدناتكم لبنان تحت المجهر الدولي».
البيان الوزاري
رئيس مجلس الوزراء حسان دياب والذي أنخرط بشكل عاجل في معترك العمل «الإنقاذي» ترأس الجمعة في السرايا الحكومية الاجتماع الاول للجنة صياغة البيان الوزاري بحضور اعضاء اللجنة نائب رئيس الحكومة وزيرة الدفاع زينة عكر والوزراء: دميانوس قطار، ناصيف حتي، غازي وزني، راوول نعمة، عماد حب الله، رمزي مشرفية، طلال حواط، ماري كلود نجم، منال عبد الصمد، فارتينيه اوهانيان والامين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية والمدير العام لرئاسة الجمهورية انطوان شقير.
وبحسب معلومات حصلت عليها الصباح من مصدر مطلع فان رئيس الحكومة دياب وفي خطوة لتعجيل صياغة البيان الوزاري المرتقب قد وزع بين اعضاء لجنته الوزارية مسودة للبيان الوزاري المذكور وقد ضمنها عدة محاور من جملتها: الخطة  الخاصة بعمل الحكومة بشكل عاجل ومكافحة الفساد هي  الأولوية في أداء الحكومة، واقتراح تشكيل  لجان متخصصة، بالملفات الاقتصادية الحيوية وسبل معالجتها بشكل عملي وعلمي، اضافة الى العمل على استشعار هواجس الناس والتفاعل مع مطالب الحراك، والسعي الى تعزيز علاقات لبنان العربية وسبل تفعيلها، بشكل مثمر يعود بالنفع على لبنان، اضافة الى تفعيل مبدأ النأي بالنفس وبما يسهم بإبعاد لبنان عن المحاذير الاقليمية، علاوة على التمسك بالصيغة الثلاثية الذهبية: الجيش والشعب والمقاومة والعمل على تطويرها  .
وأشارت مصادر مطلعة الى أن الدكتور حسان  دياب قد شرع فعلا  مع فريقه الحكومي بتسمية الأولويات في العمل ومنهج المعالجة للأزمات الاقتصادية والمالية والمعيشية والاجتماعية، تمهيدا لترجمته في البرنامج الحكومي. 
 
جلسات الثقة
تتجه أنظار المراقبين الى يومي الأثنين والثلاثاء القادمين حيث يلتئم مجلس النواب اللبناني في جلسات النظر في منح الثقة للحكومة الجديدة.. هذه الجلسات تنعقد على وقع الاحتجاجات الصاخبة في الشارع، وقد أثيرت بهذا الصدد أسئلة  عن مدى حصول تطورات شعبية محتملة  لتعكير صفو جلسة منح الثقة البرلمانية وسبق أن منع الحراك الناقم أعضاء المجلس من الوصول لبناية المجلس بساحة النجمة ، ويبدو أن الاتصالات السياسية قد تم تكثيفها لتشديد التدابير اللوحستية والأمنية حول محيط مجلس النواب وتأمين الطرق المؤدية إليه. 
وقد كشف مصدر مقرّب من «عين التينة» أنّ رئيس المجلس نبيه بري وإزاء ما يحصل عند مداخل ساحة النجمة، أولى خلال الساعات الأخيرة هذه النقطة «أهمية كبيرة» وقد تواصل مع قائد الجيش العماد جوزف عون وطلب تكثيف التدابير الأمنية الكفيلة بعدم التشويش على الجلسة المذكورة بحيث تتخذ الوحدات العسكرية إجراءات استثنائية لحماية المجلس النيابي ومحيطه وأن يعمل الجيش تحديداً على تأمين الطريق المؤدي إلى المجلس يومي 27 و28 الجاري (الاثنين والثلاثاء المقبلين) لانعقاد جلسات مناقشة وإقرار موازنة 2020 تليها جلسة الثقة.
 
موقف الأحزاب
ويبقى موقف الأحزاب اللبنانية وهل ستمنح الثقة من عدمها للحكومة هو السؤال الابرز حيال موقف تيار المستقبل وحزب القوات اللبنانية وجماعة الزعيم الدرزي وليد حنبلاط.
وقد أفاد بهذا الصدد رامي الريّس مسؤول الإعلام في الحزب التقدمي الإشتراكي مؤكداً « ان موقف جنبلاط «نابع من مسؤوليته وإحساسه بحراجة الوضع الاقتصادي والمالي، وضرورة أن تكون هناك جهة رسمية تتخذ القرارات للجم التدهور بمعزل عن تصنيفها، علّنا نستطيع وقف الانهيار».
واشار زوار عن وليد بجنبلاط الى شيء من القبول على توليفة الحكومة، لاسيما بعد تحسين التمثيل الدرزي بوزيرين.
في خط مواز، قالت مصادر حزب «القوات اللبنانية» «لننتظر تحديد جلسة الثقة، لينعقد تكتل الجمهورية القوية لاتخاذ الموقف المناسب» أما موقف تيار المستقبل فلم يتضح حتى الآن ما يفيد باتخاذ موقف محدد وإن كانت الإشارات تشي بعدم الرضا. 
 
مؤتمر بروكسل
وبشأن الموقف الأوروبي حيال لبنان وتحديدا بخصوص ملف الفساد في أروقته الحكومية أشارت معلومات صحفية الى أن الاتحاد الأوروبي سيراقب أداء الحكومة الجديدة وهو لديه معطيات سابقة تعود الى انعقاد مؤتمر بروكسل للاتحاد الأوروبي عن لبنان والفساد فيه بتأريخ 14 تشرين الثاني المنصرم وقتها أدرج ملف لبنان في جلسة البرلمان الأوروبي التي عقدت بعد أسبوعين وفقاً لمعلومة نقلتها «الأخبار اللبنانية»، وتحدث  نحو 20 نائباً أوروبياً عن الأوضاع في لبنان، من بينهم تييري مارياني، الوزير السابق في حكومة الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي الذي قال في مداخلته «أننا كمنتخبين في البرلمان الأوروبي يتوجب علينا أن نتساءل أين تذهب الأموال التي نحوّلها إلى لبنان لمساعدته؟». وأبرز رسالة من عضو المجلس البلدي في طرابلس نور الأيوبي يذكر فيها أن الاتحاد الأوروبي أعطى هبة لبناء معمل لفرز النفايات في عاصمة الشمال، لم ينفذ وفق دفتر الشروط.
 
اختلاس مساعدات
ويبدو أن اندفاعة مارياني لم تخفت. إذ لا يزال مصمماً على ملاحقة القضية حتى النهاية. فبحسب مقال للصحافي البريطاني مارتن جاي نشر على موقع قناةTRT World التركية الرسمية الناطقة بالانكليزية، يقود النائب الفرنسي مجموعة من “النواب الشعبويين (اليمينيين) في البرلمان تخوض صراعاً للتحقيق حول اختلاس مساعدات الاتحاد الأوروبي، وهو ما قد يؤدي إلى حجب مساعدات بمئات ملايين الدولارات عن لبنان وعن النازحين السوريين” وفقا للصحيفة وأوضح جاي أن بعض أعضاء البرلمان الأوروبي “يشعرون بأن خطط الاتحاد الأوروبي لإدارة النفايات في لبنان مزيفة”، ولذلك “يخططون لاسترداد أكثر من 38 مليون دولار خسرتها المفوضية الأوروبية في لبنان بسبب خطط وهميّة لإدارة النفايات، إلى جانب محاكمة المسؤولين عن الفساد في هذا الملف.
 
استمرار الاحتجاج
من جانب آخر فان حركة الاحتجاج لم تهدأ بعد تشكيل الحكومة وقد جال محتجون على عدة مؤسسات عامة رافعين شعارات تندد بما أسموه بتدوير أسباب الفساد في البلاد ،وجاءت مسيرتهم بعد مرور مئة يوم على الحراك الشعبي المنتفض وبدؤوا تظاهرتهم بمجلس الجنوب ثم انتقلوا الى مجلس الانماء والاعمار ثم الى صندوق المهجرين.
الى ذلك سجل سعر صرف الدولار مقابل الليرة لدى الصرافين اليوم الجمعة، شراء: 2150 ليرة ومبيع: 2200 ليرة.
وكان سعر صرف الدولار سجل مساء الخميس 2200 ليرة للشراء و2100 ليرة عند المبيع.
يُشار إلى أن نقابة الصرافين كانت قد أصدرت قرارا بالتوافق مع مصرف لبنان على شراء الدولار بـ 2000 ليرة.