أحب فيروز لتحضّري

ثقافة 2020/01/28
...

د. حسين القاصد
بدءاً لا بدّ من الإشارة إلى أنّ عنوان المقال ليس من مبتكرات كاتب هذه السطور، فالحديث ذو شجون وذكريات؛ لذلك وجب التنويه. اعتاد العراقيون على إعلان الصباح بصوت فيروز، وليس العراقيون وحدهم، بل كلّ بلاد الشام .
أما عنوان المقال فهو من تصريح للعلامة الكبير د.محمد حسين الاعرجي في برنامج سيرة مبدع، الذي كان يقدمه من قناة الحرة - عراق، الشاعر المبدع الدكتور عارف الساعدي .
كان العلامة محمد حسين الاعرجي منسابا جدا، وصريحا واضحا؛ حتى أنه لم يعترض ولم يطلع على آراء الآخرين، حين استطلعت آراءهم قناة الحرة-عراق، بمن فيهم زوجته (أم هاشم) التي رأت أنه متعب جدا وحاد المزاج، كذلك كان لكاتب هذه السطور رأي في الأعرجي بصفته الاكاديمية؛ لكن العلامة الفقيد انشغل بمكامن الجمال ووظف كل ما قيل في الحلقة التلفزيونية للابداع؛ فضلا عن تشخيصاته وآرائه الصادمة، ومنها رأيه في الشعر الستيني.  
محمد حسين الاعرجي أستاذ النقد الأدبي في جامعات الجزائر وبولندا وبغداد، لم يتخلَّ عن الشاعر، حتى اذا هو أجلها أو قمعها لصالح النقد والأكاديمية، ظهرت على ملامحه وأسلوبه وسلوكه؛ وحين سأله الشاعر المبدع الدكتور عارف الساعدي عن أحب المطربين واقربهم إلى قلبه، قال: أحب فيروز لتحضّري وأحب داخل حسن 
لعراقيتي!! . 
لم أنتبه وقتها ولم أسأله لماذا داخل حسن؟ وهو ابن النجف وفي النجف والفرات الأوسط الكثير مما هو عراقي؛ لكن بعد وفاته وبعد قراءة دقيقة لحياته واستعادة لأحاديثنا معا حول ذكرياته؛ تعرّفت على حبه الشديد لصديقه الشاعر مصطفى جمال الدين؛ وجمال الدين الذي يسميه الأعرجي جمال الدين والدنيا، من سوق الشيوخ في مدينة الناصرية؛ عندها عرفت كيف وصل داخل حسن للأعرجي وكيف صار هويته العراقية، وهو من 
هو. 
كان يكفي الأعرجي الكبير أن يقول أحب الجواهري لعراقيتي، وهو الذي لا يذكر الجواهري دون أن يلحقه بصفة الخالد، لكنه اختار منطقة غير منطقة اشتغاله، وشخصا غير قابل للجدل السياسي، مثله مثل المطربة فيروز، فاختار داخل حسن، الذي وصل إليه بحسب رؤية كاتب هذه السطور، من صديقه الشاعر مصطفى جمال الدين .
رحم الله العلامة الأعرجي وألف شكر لتحضره وعراقيته الحقة.
ليتنا نقتدي بأدبه وسلوكه، ونرتقي لعراقيته التي تغرّب لأجلها وعاد لها فضاعفت غربته.