كتابة / أليسون فلوود
ترجمة / أحمد فاضل
توفي الناقد الأدبي الفرنسي الأصل، البارز وكاتب المقالات جورج شتاينر، الذي اكتشف قوة اللغة وقيودها في سلسلة من الكتب المؤثرة، عن عمر يناهز 90 عاماً، ولد شتاينر عام 1929 في باريس قبل فترة قصيرة من احتلال النازيين للمدينة وتوفي في منزله في كامبريدج، حيث كان زميلاً غير عادي هناك، كتب وقدّم للقرّاء مجموعة واسعة من المؤلفين من بينهم تولستوي وديستويفسكي عام 1960، إذ قام بتحليل كتاباتهما، قال آلان سامسون الذي نشر كتابه “كتابي غير المكتوب “
عام 2008 :
«مساهمة جورج شتاينر في فهمنا للعلاقة بين الأدب والمجتمع كانت كبيرة، لقد كان مُدرساً وكاتباً ملهماً، وشعرت بحزن عميق حين علمت بخبر وفاته، لكن لحسن الحظ، تحظى كتبه الرائدة بإشادة
كبيرة”.
في كتابه “قواعد الخلق” وهو كتاب قائم على محاضرات ألقاها في جامعة غلاسكو في عام 1990، حيث كتب معبراً عن دهشته :
« إنّه يمكن استخدام خطاب إنساني في الحب والبناء والمسامحة، حتى في حالات الكراهية بين المجتمعات، وأن الخطاب الثقافي في هذا الجانب هو قوة إنسانية، وأن طاقات الروح قابلة للتحويل إلى طاقات
سلوك”.
شغل شتاينر منصب أستاذ اللغة الإنكليزية والأدب المقارن بجامعة جنيف بين عامي 1974 و1994، وأصبح أول أستاذ في اللورد ويدنفيلد للأدب المقارن بجامعة أكسفورد عام 1994، وتابع دراسته في جامعة السوربون وجامعة شيكاغو وهارفارد وأكسفورد، قبل أن يعمل لدى مجلة الإيكونوميست ككاتب رئيسي، كان شخصية غير عادية، عن تولستوي وديستويفسكي كتب يقول :
« تمر الأعمال الفنية العظيمة فينا مثل الرياح العاصفة، وهي تفتح أبواب الإدراك، وتضغط على هندسة معتقداتنا بقدراتها المتغيرة، نسعى إلى تسجيل تأثيرها، ونهتز لقوة نظامها، كما نسعى إلى أن ننقل للآخرين جودة وقوة تجربتنا معها، كما سنقنعهم بأن يضعوا أنفسهم مفتوحين أمامها، في هذه المحاولة للإقناع تنشأ الحقيقة التي يمكن للنقد تحملها”.
تم تصنيف شتاينر “بين العقول العظيمة في عالم الأدب اليوم”، حيث وصفه الروائي الإنكليزي أ. س. بيات بأنه : « رجل من عصور النهضة، لكنه بنكهة عصرية، ميتافيزيقي أوروبي مع غزارة في الأفكار الدافعة لعصرنا”، ووصفته هارييت هارفي وود، مديرة الأدب السابقة في المجلس الثقافي البريطاني، بأنه “محاضر رائع ومليء بالمعلومات، كانت محاضراته يلقيها من دون أن تكون معه ورقة واحدة، وحتى لو كانت معه قصاصة صغيرة منها، يضعها أمامه ولا يلتفت لها
أبداً”.
عاش آخر مرة في كامبريدج، إنكلترا، حيث كان زميلاً غير عادي في كلية تشرشل منذ عام 1969، تزوج من الكاتبة والمؤرخة زارا شاكو شتاينر ولديهم ابن هو ديفيد شتاينر الذي شغل منصب مفوض التعليم في ولاية نيويورك من 2009 إلى 2011، وابنة، ديبورا شتاينر أستاذة الكلاسيكيات في جامعة
كولومبيا .
كان شتاينر في بعض الأحيان شخصية مثيرة للجدل، مما أثار انتقادات لما اعتبره البعض أنه نخبوي، والبعض الآخر قال لديه عقدة المجادلة، كما كتب عنه الناقد لي سيجل لصحيفة نيويورك تايمز في عام 2009 :
« كانت فضيلته الكبيرة هي قدرته على الانتقال من فيثاغورس عبر أرسطو ودانتي، إلى نيتشه وتولستوي في فقرة واحدة”.
كان خطابه النقدي متعدد اللغات وكتب في مذكراته عن تطوره الفكري :
« أنا مدين في حياتي الثقافية لثلاث لغات هي الفرنسية والألمانية واللغة الإنكليزية”، واعترف في عديد الكتب التي كتبها أنها شواغل رئيسة عمقت تفكيره، من بينها أصول خطاب الإنسان، وأسطورة برج بابل ومعناها المؤثر في البشرية، والمهام الحقيقية للمترجم، وتفوق العديد من الكتاب الذين أثروا فيه منهم، بيكيت، بورخس، ونابوكوف .
هذه الشواغل احتلت أكثر من عشرين كتاباً له، بما في ذلك مجموعات المقالات، ورواية واحدة، وثلاث مجموعات من القصص القصيرة، ومجادلاته مع الناقد الأميركي المعروف هارولد بلوم الذي توفي العام الماضي .
عن / صحيفة الغارديان البريطانية