ياسين النصير
ماحدث شيء تاريخي، هذا ملخص أولي لنتائجه:
لن تستطيع كل السلطات الغاشمة والقوى المضادة للوعي ، أزاحة ما صنعه العراقيون في هذه الفترة القصيرة، لقد جعلتنا الثورة نتصفح يوميا ابجديتها الجديدة، ستتردد أغنية "نريد وطن" على كل حنجرة عراقية. ليس في هذا الزمان، بل عبر التاريخ، بوصفها أنشودة الذات المقهورة، التي لم تجد ملحنا لها غير ان تطلق كالعاصفة في فضاء ساحة التحرير. سيرفع كل طفل علم العراق ويسأل ماذا يحدث يا أبي"، ظهور جيل جديد من الشباب لا يمكن تجاهله أو تغييب وعيه، أو تلقينه دروسًا مكررة، يسترد الشعب العراقي قيمه الثورية التي غيبتها الأفكار السلفية والقومية والمناطقية.
عودة الوعي الشقي لشموخ العراقيين الوطني المعروف، رفض الشعب للطائفية المقيتة، بموقفهم صفًا واحدًا بوجه الفاسدين والسراق والجهلة والمزورين، نهوض الطاقة الشبابية المغيبة كي تعيد تحريك المفاصل الإجتماعية الساكنة، نشوء لغة ثورية جديدة ستتلبس كل النصوص الأدبية والفنية والثقافية والسياسية المقبلة، وستكون لغة عالمية لتجذرها بحالة المواجهة العنيفة مع الظلم والقتل والفساد، الرفض المبدأي لكل ما هو عدو، سواء اكان من الطبقة الفاسدة، أم من دول الجوار، الوعي الفكري الذي لوصرفت عليه ملايين الدروس الدعوية لن يظهر بهذه القوة الرافضة لكل اديولوجيات القهر والخرافة والتهميش، تكوين جيل جديد من العراقيين وعلى لسانه لغة ثورية جديدة " نريد وطن" ستكون صوتًا شعبيًا في التعامل مع كل من غيب صوت العراقيين.
وضوح المفردات السياسية في خطاب الشباب المستقبلي، تأسيس حركة ثورية خارج الأطر المألوفة عالميًا للثورة، أعادوا صوت الرافدين الدفين في الأرض بوجوه وصدور عارية ،سيتردد صوت الثورة/ الصرخة في أرض العراق كلها ، ظهور أناشيد ثورية يجري صوتها مع مياه الرافدين من الشمال إلى الجنوب، اغان تستحث جثث الثوار نخوة الفلاحين والعمال والرجال والنساء والأطفال بنداء الثورة الدائمة، خلق ملحمة للطف جديدة على أرض العراق مصحوبة بنشيد "وطني" لا يخفت صوته، نشأت لغة الإدانة المعفرة بمسك الدم العراقي بوجه كل المتخاذلين الذين فضلوا مصالحهم القومية والمناطقية على مصالح الوطن، زرعت هذه الثورة يقظة في ضمائر العراقيين كلهم من أنهم وحدهم من يداوي جراحهم وليست أي يد أخرى،. علا صوت الذات العراقية المغيب في ثقافة ونصوص الماضي، ليصبح شعارًا للحرية ونشيدًا لا يخفت صوته. بدء القطيعة الحضارية الكبيرة مع الإرث الديني المعطل للحرية، تأسيس قاعدة أخلاقية وعملية أن من يصنع مستقبل العراق هم الشباب. تأسيس أرضية مجربة لخطاب عراقي جديد، قائم على وعي التغيير، نداء كوني لبناء العراق من
جديد. هذه ليست مفردات دبجتها لصناعة مقال ينشر في جريدة ثم يموت مساء، بل هي حقائق فرزتها الحياة اليومية لمجموعات كبيرة من الشباب كانوا مغيبين عن القول والممارسة السياسية، وكانوا أسرى الفقر والحاجةوالخوف، ولكن انتصارهم على داعش بما عرفه عنه من إجرام، مكنهم من أن يكتشفوا اصواتهم الحقيقية، فلم يعد بعد انتصارهم من يقدر على تغيبهم او تأجيرهم او شراءهم. هذه الحقيقة ما كان أحد من الساسة يكتشفها قبل أن تنفجر حول ظلمهم لهذه الشرائح، حقيقة ان صوت الثورة يصنع بالمعاناة وليس بالكلمات. فقد ارتبط صوت التحرير بصوت المستقبل، مرورا بحاجة يومية يكرم فيها إنساننا العراقي، هكذا يفهم نشيد" نريد وطنًا".