حسين رشيد
أعلنت مكتبة مدينة نيويورك العامة أن رواية «1984» للكاتب البريطاني جورج أورويل، هي الأكثر إعارة (441770 مرة)، منذ نشرها العام 1949، وفقاً للتصنيف الذي أصدرته المؤسسة بمناسبة مرور 125 عاماً على تدشينها. وتمت استعارة الرواية بشكل مكثف وازدادت شعبيتها خلال فترات التغيرات الاجتماعية والسياسية في الولايات المتحدة، لا سيّما أن أحداثها تدور في عالم المدينة الفاسدة (دستوبيا) الذي حافظ على مكانته بفضل صدور ثلاثية (ألعاب الجوع)، حسبما كشفت مكتبة نيويورك. ورغم أنها العمل الأكثر إعارة من قبل المكتبة، إلّا أنها تتراجع للمركز الثالث في ترتيب الكتب المطلوبة، ويتفوق عليها كتابان مخصصان للأطفال هما «سنوي داي» لإيزرا جاك كيتس بـ585 ألف و483 إعارة، و»كات ان ذا هات» لثيودور سيوس كما ذكر موقع» archyde”. تأتي بعدها في الترتيب قصة أطفال أخرى “اليرقة الجائعة” التي كتبها إريك كارل في عام 1969 وتتناول القصة المحببة يرقة جائعة دائمًا في كتاب ساعد في كيفية تعلم القراءة للعديد من أجيال
الأميركيين. بعيدا عن لغة الارقام إن كان بتاريخ اصدار الكتب أو عدد القراء والاستعارة قد يكون عدد القراء أكثر من عدد الاستعارة فربما استعارة واحدة بامكان أكثر من شخص من أفراد العائلة قراءة الكتاب، أمّا تاريخ اصدار الكتب واعادة قراءتها بعد عشرات السنين من اصداره الاول، فثمة أكثر من مؤشر على هذه الحالة،
وقد يقف في مقدمته المزاج القرائي الحالي والأحداث المتوالية وسرعة نقل كل شيء وتحول الخاطف السريع الى أمر طبيعي بعد لحظات، لذا يحاول القراء استعادة أحداث الفترات الماضية، وبعيدا عما ذكره الخبر والتنصيف الذي اقتصر على هذه الكتب الثلاثة فربما هناك كتب أخرى قريبة من الأحداث الحالية التي يشهده العالم وردت في تصنيف المكتبة. هذا فضلا عن أهمية الرواية من الناحية الفنية وثيمة الحدث وشهرة الكاتب الذي تخطى حدود كل اللغات
المقروءة. في العراق وفي مجمل البلدان العربية نفتقد هكذا تصنيفات عبر الافتقاد الى المكتبات الكبيرة، التي إن وجدت في بلد أو بلدين تبقى مؤسسة حكومية تعيش في روتين العمل الحكومي الذي لا يختلف كثيرا من بلد الى آخر. ومع حجم الأحداث التي تشهدها المنطقة العربية والمتغيرات السياسية والاجتماعية، يكاد ينعدم اهتمام المؤسسات المعنية بالثقافة بمثل هكذا أمور تبحث في تفاصيل المتغيرات من جوانب عدة وفي مقدمتها الجانب الأدبي وكيف نظر إلى مرحلة الحدث
ومتغيراتها. والعودة الى تلك الكتب ومحاولة معرفة جملة المتغيرات التي باتت حاجة ملحة وضرورة لتقييم حدث قائم او آخر مقبل. في العراق ربما نفتقد هكذا كتب باستثناء كتب قليلة أشّرت الى جملة المتغيرات التي عاشها المجمتع العراقي بمجملها كتب سيرة شخصية أو دراسات في طبيعية الشخصية العراقية، لكنها لن تصل الى نقطة عمق مهمة يمكن لها أن تؤشر آنذاك ما حدث وما سيحدث، أي التنبؤ بالقادم. المرحلة الحالية بما فيها من جملة وقائع سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية، و أعني بالحالية “ما بعد سقوط نظام البعث”، هذه المرحلة أشّرت جملة احوال مهمة كان لها الأثر الكبير في صناعة أحداث كبيرة قد تكون محطة لانتاج أجيال مغايرة ومراحل تنقل البلاد إلى جادة مغايرة في تكوينها وطبيعتها الفكرية والسياسية.