{أبي فوق الشجرة} أثار ضجة في شارع السعدون

الصفحة الاخيرة 2020/02/18
...

  عبد الكناني
 
 
 
 شهدت بدايات السبعينيات طغيان الموضوعات الرومانسية في الافلام المصرية، على شاكلة: "الحب سنة 70"، و "الخيط الرفيع" و "العاطفة والجسد"، و "أختي"، و "روعة الحب"، و "الحب الضائع" وغيرها، ومعظم هذه الافلام شاهدها الجمهور البغدادي وشغف بموضوعاتها، ولكن عرض فيلم "أبي فوق الشجرة" الذي قام ببطولته عبد الحليم حافظ ونادية لطفي وعماد حمدي وميرفت أمين في أول ظهور سينمائي لها، إثر اكتشاف المخرج الراحل حسين كمال لها، وهو مقتبس من قصة الكاتب الكبير إحسان عبد القدوس، الذي حوّلت السينما الكثير من قصصه الرومانسية والواقعية والسيكولوجية الى أفلام سينمائية، أبرزها: "النظارة السوداء"، و "لا تطفئ الشمس"، و "بئر الحرمان"، و "في بيتنا رجل"، و "الطريق "، و "أنف وثلاث عيون"، واستقبل الجمهور البغدادي الفيلم الذي عرض في سينما النصر وقتذاك، وهي الدار المعروفة بعرض الافلام الرومانسية المصرية، فأصبحت سينما الأسرة العراقية باختياراتها واستيرادها لأحدث الافلام العربية، منها فيلمنا "أبي فوق الشجرة" للمخرج  حسين كمال، الذي مثل  نجوم كبار أمثال عبد الحليم ونادية لطفي وعماد حمدي، أثار ضجة في العاصمة بغداد والمحافظات من خلال موضوعته الجريئة ومشاهده المثيرة،  فحقق إقبالا جماهيريا كبيرا، الى حدِّ أنّ شارع السعدون قطع في المنطقة التي تقع فيها السينما.
وانتشر الشغوفون بالسينما المصرية ومحبو عبد الحليم بالترويج للفيلم، وتطوع الكثير من محبي السينما في المناطق الشعبية، خصوصا مدينة الثورة (الصدر لاحقا) لمشاهدة "أبي فوق الشجرة" ثمّ العودة الى مقاهي القطاعات ليعيدوا قصَّ حكايته، فمن ينسى ما حدث في مقهى قاسم بقطاع 7، اذ وجد اللاعب الدولي الراحل صبري كاظم، صاحب الروح الظريفة وصانع النكتة والاجواء المرحة، مادة جاهزة يتخذ منها فرصة للهجوم على صديقه كريم الهائم بقصص الحب والرومانسية، والذي كان اول المشاهدين للفيلم من اهالي القطاع، وبذا حقق سبقا على شبان المنطقة، وكان يتباهى ويفخر بذلك، لكن صبري أفسد فرحته بتندره وتقوله عليه، إذ أشاع عنه أنه أحصى عدد القبلات في الفيلم ووجد عددها 48، الامر الذي أصاب كريم بالغثيان والهيجان وعدم التوازن، جراء هذا الكم الكبير من القبل الطويلة والخاطفة والعميقة، وحدث أن أصيب بالإغماء، وما إن سمع جلّاس المقهى القصة حتى اندفعوا ضاحكين ومصفرين بأصوات       عالية والتهكم عليه بالتعليقات المتنوعة المغلفة بالسخرية عليه، ولا ذنب له سوى أنّه فقد الوعي بعد أن عدَّ أكثر من أربعين قبلة يتبادلها عبد الحليم حافظ ونادية 
لطفي.
وقال شاهد عيان إنّ الفيلم عرض في سينما النصر في 17 شباط 1969، وأضاف: "ذهبت مع أسرتي لمشاهدة الفيلم، وكانت حشود الجماهير تقدر بعشرات الالاف، وجميعهم ينتظرون خارج السينما، بأمل الحصول على تذكرة، والطريف أنّ عدد مقاعد سينما النصر لا يتجاوز الـ (1800) مقعد، ولم نستطع الحصول على تذاكرـ إلّا في اليوم الثاني 
وبالوساطة!!
وبحسب موقع "الكاردينيا"، فإنّ فيلم "أبي فوق الشجرة" من الافلام الاستعراضية، التي نجحت نجاحا منقطع النظير، اذ حقق ايرادات ضخمة، واستمر عرضه في سينما النصر لأسابيع طويلة، بعدها تمّ عرضه في سينمات الدرجة الثانية
، إذ ظل مطلوبا لسنين، وحفل الفيلم بأغاني العندليب الاسمر، التي بلغت خمس اغنيات بضمنها اغنية "جانا الهوى" التي وصفها النقاد والمختصون بأنّها أول فديو كليب 
عربي.      
 وقد انتشرت شائعات طريفة تخص أبطال الفيلم، منها على سبيل المثال لا الحصر، أنّ نادية لطفي كانت تأكل البصل بسبب وبلا سبب، لكي تجعل رائحة فمها كريهة حتى لا يتمادى عبد الحليم  في تقبيلها، لكن نادية لطفي التي رحلت مؤخرا عن عالمنا نفت ذلك بشدة وقالت لم تكن قبلا حقيقية انما "تمثيل في تمثيل".