تقوم المجموعة القصصية الصادرة حديثا للأستاذ إسماعيل إبراهيم عبد (هان شر زمان) على افتراض وجود الصورة إلى جانب الصيغة الكتابية للحرف وللمجال التصوري سردا.
ويفترض القاص الناقد عبد أنّ نصوصه قادرة على منح المتلقي طاقة تصورية للحرف باعتبار أنّ الفوتو– قص هو (القص الذي يصاغ عبر التصور المجرد من الاحالات أو الازاحات)، وهو يقترح عدة مقترحات لكي يتجسم القص،
أولها:
أن يكون القص صوريا (فيعنى بنحت العنصر المادي في القصة)، وبذلك، وفي الفقرة التاسعة من المقترح، يقول (زمن القص يكاد يلغى أو يتوقف عند لحظة الصورة البصرية التي هي ندّ للتأمل المطول).
واقع الأمر أنّنا لم نجد في (الفوتو - قص) المقترح سوى التسمية المقترحة، إذ كانت النصوص السردية المقدمة داخل المجموعة مدونة كتابيا، وقد قام القارئ الكريم بقراءة هذه النصوص وهو (يتصور) صورها التي تتجسم في ذهنه من دون حاجة للمقترحات النقدية الخارجة على شروط التخييل
المفترض.
في القصة الأخيرة (هان شر زمان) يرسم القاص لوحة مسرحية بقلمه عن انتظار شهريار لحظة الموت وقد تعرّت كل أرديته وذوت، وهو يستذكر ما حدث للدنيا قبله في وقت يذوي هو فيه وتبقى شهرزاد وصديقتها (هان شر زمان) ساكنتين وقدِ انتهت وظيفتهما في السرد والحياة معا.
القصص الباقية تتنوع فيها الأماكن والشخوص الإنسانية والحيوانية:
في قصة (أثر) يبدأ القاص بتتبع رسم صورة فرس وهي تركض متمتعة بحرية متخيلة خارج المربط حتى التوت قدمها فسقطت، ولكنها استطاعت القيام متمتعة بوعي القدرة الجامحة على الركض حتى ارتقت ربوة لاحقتها عندها رائحة الذكر.
تابعت المهرة رائحة الحصان حتى وصلت إليه بلغة سارد قادرة على الوصف والتأمل
الشاد.
في المقطع التالي من النص تنتقل الصورة إلى الحصان ليلا وهو يعيش جوّ أصوات تفزعه حتى علا نحيبه، لكن الرائحة القادمة تغير من تصوراته إذ يحتك بالمهرة
رائحة.
في المقطع الثالث الذي تكون امراة الحقل بطلته تخرج باحثة عن الحصان وسط الظلام لتشد وثاقه لكنها تبحث طويلا حتى تقف عند سياج، ليبدأ المقطع الرابع عند الغبش بخروج شيخ من دار مفترضة ليقفز السياج ويسقط أرضا ويصطدم بالمرأة الباحثة عن حصانها ليجدا الحصان والمهرة نائمين كعجوزين متحابين، وتكون (القفلة) حين يكتب السارد عن المرأة والشيخ قائلا: ورغبا أن
يقلداهما.
في القصة الثالثة من المجموعة وهي قصة (لهو) يمارس القاص لعبة افتراضية لا تأتلف وشروط القص الذي يبغيه في تصور لعبة الفوتو– قص.
إسماعيل إبراهيم عبد هنا يعرّض النص لخطر الضياع السردي حيث ينفتح على خيارات حكي متعددة كما سنرى:
بطلا القصة صبي وصبية (كما نفترض) مهمتهما ربط حمل صغير يرعيانه عند أكمة مروج خضراء، ولكنهما يلهوان بالماء الجاري من النهر ويتابعان الديدان والحشرات الملونة وهما يسيران عكس المجرى ويخلعان ملابسهما ليسبحان في التيار المتدفق عبر الحقول من بوابة تحصر الماء وتدفعه بقوة.
هنا يمارس السارد لعبة افتراضية توقف عملية السرد وتشظيها الى أربعة مسارات حيث
يقول:
(لو أنهما دخلا تيار المجرى لجرفهما وغرقا
لو انهارت كفة البوابة لجرفهما التيار وغرقا
لو ألقيا حجارة قبل البوابة لفاض الماء وجذبهما إليه وغرقا
لو استعجلا بخلع ملابسهما لدهمهما الماء بالطفو ثم الغرق
صاح الحمل بقوة كأنه يستغيث
ماع بصوت مرعوب... سمعاه فعادا يلبسان ثيابهما)
ولكل مسار نتيجته المحتومة وهي الغرق، لكن الصورة تختلف من صورة افتراضية الى اخرى وهي بنية درامية تشظي النص وتتعب القارئ الذي يريد الحفاظ على قربه من النص وتماهيه
معه.
إنّ النصوص السردية الستّة والخمسين تتشكل في محاولة للإضافة إلى البنية السردية داخل منظومة القصة العراقية