نواب: 75 بالمئة من البيئة المدرسية بحاجة الى التأهيل

العراق 2020/02/18
...


بغداد / هدى العزاوي 
 
يعد التعليم عنصراً مهماً وحيوياً في بناء المجتمع ثقافياً وعلمياً، إذ إنّه يسهم في بناء أفراد المجتمع ويجعلهم مواطنين مثقفين ومتعلمين فضلا عن انه يعزز قيم المواطنة ويغرس مبادئ الأخلاق. وعلى الرغم من هذه الأهمية الكبيرة للتعليم، إلا أنه يشهد تراجعاً كبيراً وإخفاقاً في مستوى ما يقدمه منذ عام 2003، ولعل أهم أسباب هذا التراجع والإخفاق ضعف المنظومة بدءاً من تهالك البنى التحتية للابنية المدرسية، فضلا عن قلة الملاكات التدريسية التي لم تشهد ايضا تطورا من ناحية الاساليب التعليمية للنهوض بمستوى الطلبة.

محاور مهمة
وقالت عضو لجنة التعليم النيابية الدكتورة ايناس ناجي كاظم المكصوصي، في حديث لـ»الصباح»:  إنّ «العملية التربوية تتكون من ثلاثة محاور مهمة (المعلم والطالب والمنهج التعليمي) يجب الاهتمام بها وفق ضوابط ومعايير محددة تلبي متطلبات الواقع العام للنهوض بالعملية التربوية التي اثبتت خلال السنوات الماضية تراجعها»، مبينة أنه «على الرغم من التقنيات والتطور الا ان هناك ضعفا بين المدخلات والمخرجات التي تربط بين وزارتي التربية والتعليم العالي من ناحية الاعداد واستيعاب الطلبة بحسب الاختصاصات».
وترى المكصوصي أن «مخرجات وزارة التربية بدخولها الى وزارة التعليم العالي تحتاج الى لجنة عليا للاعداد وهذا ما اثر سلباً في المستوى التعليمي في العراق، لذا نحن بحاجة الى خطط ستراتيجية  تخدم العملية التعليمية وتنسيق عال جدا بين وزارات التربية والتعليم العالي والتخطيط في توزيع اعداد الطلبة وفق الحاجة الماسة لمفاصل الدولة واحتياجاتها».
من جانبها، اكدت مسؤول الإعلام والعلاقات العامة في الجامعة المستنصرية الاستاذ المساعد الدكتورة فاطمة سلومي، لـ»الصباح» أنّ «هناك العديد من المعالجات التي تسهم في  تطوير التعليم على الرغم من كل ما يعانيه من تحديات داخلية وخارجية، منها وضع خطة ستراتيجية لبناء العمل المؤسساتي للتعليم بشكل يتفق مع اساسيات الواقع، والاهتمام بتحديث المناهج الدراسية التي تحاكي المجتمع وتلبي الاختصاص المطلوب، اضافة الى الارتقاء بالتعليم الحكومي ومحاولة تطوير ملاكاته بدورات تنمي قدراتهم ومؤهلاتهم».
وتضيف سلومي أن «ما يحتاجه التعليم هو تعزيز نظام المقررات الدراسية وتطبيقه بشكل صحيح، فضلا عن تفعيل بعض القوانين التي تجعل لضوابط التعليم قيمة ومعنى في التطبيق والتنفيذ».
 
التلاقح الفكري 
بينما شدد مدير اعلام جامعة النهرين الدكتور محمد أكرم آل جعفر على أهمية التلاقح الفكري المعتمد من قبل مؤسسات التعليم العالي بالعراق للنهوض بالمستوى العلمي عبر تفعيل الرؤى التعليمية في إذكاء المؤتمرات التي شهدتها المؤسسات الجامعية العراقية بإقامة عدد كبير من المؤتمرات العلمية الدولية في مختلف التخصصات التي منحت فرصة كبيرة لباحثي العراق للاطلاع على التجارب والبحوث العلمية العالمية، مؤكداً أهمية نشر الاف البحوث في كبريات المجلات العالمية الرصينة بما يعكس الانطباع عن مستوى التواصل بين باحثي العراق ودول العالم.
وأضاف آل جعفر، في حديث لـ»الصباح»، أن من سبل الارتقاء بالتعليم ضرورة تفعيل معطيات التنمية المستدامة في المؤسسات التعليمية العراقية التي تعزز وتطور الحياة وانعكاس ذلك بشكل ايجابي على الفرد والمجتمع وتسهم في صناعة الأهداف وتنفيذها لدعم عجلة التنمية في العراق»، مبيناً أن «من المهم تفعيل الجانب الحيوي بأن تكون الجامعة داعمة للمجتمع ومؤسسات الدولة في الارتقاء بالمناهج وتعزيز رصانتها العلمية وفقا للتطورات الحاصلة في مختلف العلوم وبالتوأمة الحقيقية مع كبريات الجامعات العالمية الرصينة لتحقيق مخرجات بشرية منتجة تتسلح بالخبرة والدراية في جميع مناحي الحياة ولضمان الحصول على نتائج مفيدة وجديدة تكون حجرا أساسا للنهوض بالواقع التعليمي ومعطياته».
 
معطيات أخرى 
من جانبه عزا مدير عام الرصافة الثانية قاسم العكيلي، خلال حديثه لـ»الصباح» « اسباب تراجع العملية التعليمية بصورة عامة التي تبدو واضحة للخبراء الى البنى التحتية للتربية والتعليم التي تعاني من نقص في الابنية المدرسية التي يعاني اغلبها من التهالك إذ يعود انشاؤها الى القرن الثامن عشر».
وأضاف العكيلي أنّ « البيئة المدرسية تشكل نسبة (75) بالمئة من سلبيات العملية التعليمية نتيجة ضعف تطوير التعليم في تلبية طموح الطلبة والملاكات التدريسية، اضافة الى قلة الدروس  العلمية هناك  وقلة الملاكات التربوية التي تشهدها معظم المدارس».
ويشير العكيلي خلال حديثه إلى أنه «على الرغم من الجهود التي يبذلها المعلم العراقي الا اننا نحتاج الى دورات تطويرية وتعليمية للنهوض بقطاعي التربية والتعليم وايجاد بيئة متكاملة من ناحية الابنية المدرسية والمؤسسات التعليمية لمواكبة التطور العلمي وهذا ما جعل  التعليم عند بعض التدريسيين اسقاط
واجب».
مختتما حديثه، بالقول: إن «كل ما ذكر انفا ابرز النقاط لتراجع التعليم،  لذا يمكن تقويم العملية التربوية اذا ما تمت اعادة تأهيل قطاعي التعليم والتربية المتمثلة بنسبة 95  بالمئة من مشكلات تراجع العملية التعليمية في العراق وايجاد اصلاحات حقيقية من قبل وزارة التربية للنهوض بالواقع التعليمي وتوفير بيئة صالحة للتدريس».  
 
مجلس للتعليم
في حين قال رئيس رابطة مؤسسي المدارس الاهلية في العراق ومدير مجموعة مدارس الغد الاهلية الدكتور وليد الخفاجي، في حديث لـ»الصباح «: إنه «متى ما تشكلت حكومة تهتم بصالح المواطن بعيدا عن مصالحها سنشهد تغيرا في الواقع التعليمي، اضافة الى الابتعاد عن المحاصصة الحزبية والطائفية التي اهلكت جميع مرافق الدولة الاقتصادية والزراعية والصناعية والصحية والتعليمية».
وأكد الخفاجي أنه «من اجل ان ننهض بالواقع التعليمي في العراق علينا العمل على تأسيس مجلس للتعليم يهتم برسم سياسة تربوية  بالتعليم بدءا من  رياض الاطفال وانتهاء بالتعليم العالي»، لافتاً إلى ان «هذا المجلس سيهتم ايضا بوضع المناهج التي تتلاءم مع واقع العراق التعليمي للنهوض به، فضلا عن تأمين مبان مدرسية صحيحة من شأنها النهوض بمستوى الطالب والاهتمام بالواقع العلمي للمعلم بدل الاقتصار على الواقع الاقتصادي فقط، والعمل على تطوير الملاكات التدريسية لمواكبة الحداثة في العملية التربوية وايصال الفكرة».
ويرى الخفاجي أن «جميع العوامل التي ذكرت لو اجتمعت وفق خطط ممنهجة بشكل صحيح من ناحية الابنية والتأهيل وغيرها من المعطيات يمكن ان نحصل على جيل متعلم بشكل صحيح ينهض بواقع القطاع التعليمي في العراق».
إلى ذلك أشار مدير مدرسة الرحمانية للبنين، المدرس حاليا في مدرسة الفارابي للبنين، احمد محمد حميد الخزعلي الى أن «من اسباب تعثر مستوى التعليم في العراق قلة الملاكات التدريسية التي يضطر فيها المدرس الى اخذ خمس وعشرين حصة اسبوعيا لسد النقص الحاصل، فضلا عن قلة الابداع في ايصال المادة التعليمية التي تحتاج الى وقت للشرح والتوضيح».
ولفت الخزعلي، في حديثه لـ»الصباح»، الى ان «زيادة عدد الطلبة لم تلقَ اهتماما من الجهات ذات العلاقة بتوفير مدارس تسد حاجتهم ما اثر بشكل سلبي في توفير بيئة صالحة للطالب تخلق له فرصا للنجاح»، معربا عن اسفه «لاهمال الدولة لهذا المرفق المهم الذي يمكن ان ينهض بالمجتمع ويوفر مستقبلا افضل اذا ما توفرت البيئة الصالحة له».