رضا المحمداوي
مع مرور الأيام وتوالي إيقاعها المتسارع يقتربُ ، يوماً بعد آخر، موعد السباق الماراثوني للدراما العربية ،وبدرجة أقلّ للدراما العراقية ، لينطلق مع اليوم الأول من شهر رمضان الذي سيصادفُ في الأيام الأخيرة من شهر نيسان لهذا العام 2020 .
على مستوى الدراما العربية، وخاصة المصرية والسورية والخليجية، ليست هنالك من مشكلة في عملية الإنتاج والتسويق في الأسواق الدرامية، فالإنتاجات الفنية كثيرة ومتعددة ، وأعمالها جاهزة للعرض والطلب والبيع والشراء، وأبواب أسواقها مفتوحة على مصراعيها لعقد الصفقات
والترويج الفني وجني الارباح وقطف ثمار السنة الدرامية بعد انتظار لعام كامل سيعيدُ نفسَهُ من جديد بعد إنتهاء هذا الموسم مباشرة ً في دورة إنتاج درامي لا تنتهي!
ومع استمرار الأزمة الإقتصادية لدينا جرّاء انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية ، وهي الأزمة التي
بدأتْ منذ عام 2015 على وجه التحديد، فأن آثارها وتداعياتها ما زالتْ
مستمرة.
ومن بين أهم القطاعات التي تضرَّرتْ نتيجة ً لهذه الأزمة واستمرارها، قطاع الإنتاج الدرامي في العراق الذي توقّفتْ عجلة الإنتاج فيه بشكل رئيس ، وحتى الإنتاجات الدرامية التي أُنتجتْ خلال الأعوام الخمسة الماضية لم تكنْ بمستوى الطموح ، وقد تمَّ إنتاجها من قبل بعض القنوات التلفزيونية الفضائية من باب سد الحد الادنى من النقص الحاصل في هذا النوع المطلوب تلفزيونياً ،أو لمجرد إثبات وجود ، أو للمكابرة وتسجيل الحضور الفني الباهت لا غير ، ذلك لإن المستويات الفنية والفكرية لتلك النتاجات الدرامية الشحيحة قد تراجعتْ كثيراً بشكل عام نتيجة لطغيان ظاهرة
الأعمال الفكاهية الخفيفة، والـ(سكيتشات) والمواقف او المَشاهِد التمثيلية التي تقتربُ من حدود النكتة التلفزيونية !
ويكمنُ السبب الرئيس لهذه الأزمة واستفحالها وصعوبة التغلّب عليها في ارتفاع تكاليف إنتاج العمل الدرامي نفسه ، خاصة ً إذا كان العمل الفني مسلسلا ً درامياً بثلاثين حلقة وبزمن قياسي مقداره ساعة تلفزيونية للحلقة الواحدة، بما يشتمل عليه هذا المسلسل من أبواب وعناوين متعددة ومختلفة تدخل ضمن الميزانية الإنتاجية للمسلسل .
وقد بدأتْ تلك الأبواب والفقرات والعناوين بمتطلباتها المالية ، تشكّلُ عبئاً ثقيلا ً على الميزانية المرصودة للإنتاج ، والتي لا يمكن الاستغناء عنها أو ضغطها أو التقليل من نفقاتها الانتاجية .
إنَّ ارتفاع تكاليف الإنتاج يرجع بالأساس الى إرتفاع إجور الفنانين والفنيين ، إضافة ً الى أرتفاع أسعار المواد الاستهلاكية والمستلزمات الإنتاجية الواجب توفرها مثل إيجار البيوت وتكاليف النقل والطعام واجور عمال الإنتاج اليوميين وتوفير الكهرباء وما يتطلبهُ ذلك من وقود ومولدة كهربائية وغيرها من المفردات التي بدأ يطلق عليها تسمية (الدعم اللوجستي)للإنتاج.
ولذا فقد وجدتْ شركات الانتاج الفني التي تعمل بصيغة (المُنتج المُنفَّذ) نفسها مضطرةً الى رفع سقف ميزانياتها الإنتاجية المُقَدَمَة للقنوات الفضائية المنتجة للعمل الدرامي ، وذلك من أجل مواكبة ومسايرة ظاهرة التضخم الاقتصادي المتفاقم نتيجة لارتفاع الاسعار .
ونتيجةً لذلك إختلتْ المعادلة بين قلّة التخصيصات المالية المرصودة للإنتاج الدرامي من طرف، وارتفاع تكاليف الإنتاج من طرف آخر، ما خلق إشكالية جديدة تعيق عملية الإنتاج الدرامي وهذا ما أتوقفُ عندهُ في الحلقة المقبلة من زاوية(على شاشة التلفزيون) .