جريمة التهرب الضريبي و أثرها في الاقتصاد العراقي

العراق 2020/02/24
...

 القاضي كاظم عبد جاسم الزيدي 
تعد الضرائب من الايرادات المالية المهمة للدولة و مصدرا من مصادر تمويل الميزانية العامة و تواجه المجتمعات منذ عقود طويلة ظاهرة التهرب الضريبي التي تعد من اخطر الظواهر التي تعيق سياسة الدولة الانفاقية و تؤثر في جهود الدولة في الاعتماد على مصادر اخرى غير الايرادات النفطية و الضريبية باعتبارها تكليفا وطنيا لذا يكون لزاما تأدية هذا الواجب بالصورة التي كفلها القانون فاذا ما تعرضت الضرائب الى صعوبة في تحصيلها او عدم دفعها في ميعادها القانوني
يكون من الصعب تهيئة الخدمات و بالتالي فقدان حالة الانسجام الواجب توافرها بين الدولة و المجتمع و ان التنمية الاقتصادية تحتاج الى العديد من الموارد لتحقيقها كالضرائب و الرسوم و ايرادات املاك الدولة و القروض و ان  التهرب الضريبي هو عدم الالتزام بتنفيذ القوانين الضريبية عن طريق عدم دفع الضريبة الواجبة والتخلف عن الالتزام بدفع الضريبة كليا او جزئيا باتباع اساليب و طرق مخالفة للقانون و محاولة المكلف الضريبي تفادي الاعباء العامة بعدم تسديد الضريبة ارضاء لرغباته الشخصية ما يؤدي الى اضعاف حماية الدولة المالية و ان غاية المكلف من عدم تسديد الضريبة تتمثل في المحافظة على امواله وعدم التنازل عنها لمصلحة الدولة و ان كثرة التشريعات القانونية الضريبية مع وجود الثغرات فيها فضلا عن فرضها لمعدلات ضريبية مرتفعة ادت بالمكلفين الى العزوف عن دفعها في ميعادها القانوني و ان تعدد اسعار الضريبة خلق حالة من عدم التوازن بين المكلفين و الادارة الضريبية فكان ذلك سببا رئيسا للتهرب من اداء الضريبة و كذلك قصور التشريعات عن تقدير وعاء الضريبة و احتساب قيمة الاعفاءات او السماحات حالت دون تطبيقها و قد ازداد معدل تهرب المكلفين من الضريبة بسبب ظروف البلد بعد احداث عام 2003 و عدم استقرار الوضع الامني و السياسي و الاقتصادي الذي مر به العراق ادى الى عدم التزام المكلفين بدفع الضريبة المفروضة عليهم فضلا عن هجرة رؤوس الاموال الى خارج البلاد وان ارتفاع معدلات التهرب الضريبي يؤثر سلبا في ايرادات الدولة و ان وجود مشكلة التهرب الضريبي يشير الى وجود اختلالات بنيوية يعاني منها النظام الضريبي العراقي في الجوانب الادارية و التشريعية و الاجتماعية و للتهرب من اداء الضريبة اثره السلبي في الاقتصاد العراقي بان يقلل من حجم النهوض التجاري و الصناعي على حد سواء نتيجة عدم توزيع الاعباء العامة التوزيع العادل و ان المشاريع التجارية الكبيرة و مساهمتها الفاعلة في دعم الاقتصاد اكثرها اتباعا لحالات التهرب بسبب وفرة الايرادات المالية لديها او نتيجة المحاباة التي توليها الادارات الضريبية لبعض المشاريع بان تعاملها معاملة خاصة تشجيعا لها في التخفيف من وطأة الضريبة الامر الذي يؤثر سلبا في تحمل عبء الضريبة من قبل المشاريع الصغيرة فتكون هي الوحيدة الواجب عليها الاحتكام للتشريعات وتطبيقها و عدم مخالفتها فيكون ذلك مدعاة لعزوف اصحاب تلك المشاريع عن تأدية الضرائب و بالتالي الاضرار بالايردات المالية للدولة و يعاقب قانون ضريبة الدخل العراقي رقم 113 لسنة  1983 المعدل على افعال الغش و الاحتيال كونها تصيب الايرادات المالية للدولة حيث يعاقب بالحبس
مدة لا تقل عن ثلاثة اشهر و لا تزيد عن سنتين من يثبت عليه امام المحاكم المختصة انه استعمل الغش او الاحتيال للتخلص من الضريبة المفروضة عليه او التي تفرض بموجب هذا القانون كلها او بعضها ونجد ان هناك قصورا في الكثير من النصوص القانونية في التشريع الضريبي العراقي و قد اغفل المشرع الضريبي جانب تكرار مخالفة التهرب الضريبي  و ضعف التنسيق بين مفاصل الجهاز الاداري في الحد من اعمال التهرب وانعدام المصداقية بين المكلف و الدولة كون القوانين الضريبية لم يتم تشريعها على اسس واضحة في كيفية فرض الضرائب و لم تضع سياساتها الاقتصادية و الاجتماعية الاساس في فرض الضريبة و من الضروري اعادة النظر في التشريعات الضريبية لما يسببه التهرب الضريبي من اضرار كبيرة في ايرادات الدولة و ان جريمة التهرب الضريبي هي جريمة يعاقب عليها القانون العراقي فقد تساعد العقوبة التي يفرضها المشرع على التهرب من الضرائب في الاقلال من التهرب الضريبي فالمكلف يوازن بين مبلغ الضريبة وبين العقوبة فاذا كانت العقوبة شديدة يتردد في ارتكابه لهذه الجريمة وان الدور الرئيس للضريبة ليس ماليا بل اقتصاديا  و الجوانب الاقتصادية للضريبة تتمثل في المساهمة في تغطية النفقات العامة و تعد احد ادوات السياسي المالية التي تعتمد  عليها الدولة في تحقيق  اهدافها ومنها تحقيق الاستقرار الاقتصادي و تشجيع الانشطة الاقتصادية عن طريق التقليل من الضريبة المفروضة على القطاعات المعينة بممارسة هذه الانشطة وقد تلجأ الدولة احيانا الى اعفاء هذه القطاعات  من دفع الضريبة وحماية القطاعات المحلية و تشجيع الاستهلاك الوطني و زيادة الضرائب الجمركية على السلع المستوردة و ان الاثار الاقتصادية على جريمة التهرب الضريبي على الاستهلاك والادخار و كذلك على الاستثمار وان هدف الدولة في فرض الضرائب هو تحقيق العدالة في توزيع الثروات بين افراد المجتمع و رفع المستوى المعاشي  للفئات الفقيرة و تقليل التفاوت بين طبقات المجتمع كذلك تهدف الى انقاص القوة الشرائية للفئات الغنية وتحويلها للفئات الفقيرة عن طريق الانفاق العام و الخدمات المختلفة التي تمارسها الدولة .