من يشاركني هذا الرأي؟

العراق 2020/03/02
...

زيد الحلي
منذ ان وعيتُ ، وادركتُ الحياة ، حباني الله عز وعجل بصيرة التفاؤل ، وقد عرف  الزملاء والاصدقاء هذه الصفة عندي ، فكانوا يتندرون بالقول ، ان فلانا ( انا ) يرى الصيف ربيعا ، والشتاء ربيعا ايضا ، وبقدر تفهمي للواقع المعاش ، وتقلبات الحياة ، غير اني اؤمن ان ( دوام الحال من المحال ) وعلى اساس هذا الايمان لم اجد صعوبة في العيش بمقتربات الزمن ، ودهاليزه ، ولم ادع التشاؤم يتلبسني ،  فالمتشائم لا يرى من الحياة سوى ظلها ،  مع القناعة التامة ان الجميع يسير في منحنيات وتعرجات كونية ، فتارة نجد انفسنا في نشوة وزهو ، وتارة في قمطرير ، اي ايام شديدة الانكسار .. وصح القول ، ان الدنيا يوما لك ، ويوما عليك ! 
نعم ،  ان المتشائم يشكو من الريح ،  والمتفائل ينتظر تغير الاتجاه ، لكن الواقعي عليه  ضبط الأشرعة ، ووفق هذه النظرة ، نزعت ثيابي المتمثلة بالتفاؤل المطلق ، ووضعت على جسمي ثياب الواقع الذي نعيش الان .. فماذا لمستُ.. وماذا رأيت ؟ لقد احسست ان شعبنا العظيم يمتلك ارضية من الثبات تتحدى هزات واعاصير وزلازل ، لو مرت على شعوب اخرى ، لأحاطها اليأس ، ودمرها الخذلان .. فمنذ اشهر تدير دفة الحكم وزارة مستقيلة ، مهمتها تصريف الاعمال ، ومنذ اسابيع عشنا حومة تشكيل حكومة مؤقته ، ابرز مهامها القيام بانتخابات مبكرة ، وبين هذا وذاك ، استمرت اصوات التظاهرات الشعبية ، تطالب بالمزيد من التغيير .. شعب يعيش يومه بقلق ، وساسة يحاولون لملمة الشجون ، لكن الحياة تسير مثل حبّة حنطة تُخضر، لا تستسلم برغم  العواصف والأعاصير والبرق والرعد .. اليس ذلك ، مدعاة فخر، ووسام ألق دائم ؟ 
بالمحصلة ، اجاهر بالقول ، ان المتفائل ، هو الواقعي بامتياز ، بالعكس تماما من المتشائم  ، فالتشاؤم ، يأس كامل التوصيف ، هو تسوس الحياة.. يأكل النفس ، كما الأيام تأكل الروح .. واليأس يلتهم الإرادة ، كما الأرض تبتلع الأجساد .. وبين التشاؤم ونظرية هتك المشاعر ، يضيع العمر وتتلاشى الآمال .. غير ان الوطن وحده يبقى في خلود دائم ..انه حركة الحياة الدائبة ، تمتص اذيال السكون ، وهو ضجيج جميل من اخذ وعطاء ،  وهو الثابت الاوحد ، في خارطة الزمن ، وعلى اديمه سقط كثيرون ، ممن  غيّروا  جلودهم أكثر من مرة ، تارة  من اليسار الى اليمين وبالعكس والبعض الآخر من المنتفعين والحزبيين والطائفيين ، ودعاة التفرقة ،   فضلوا شهرة سهلة وأضواء باهتة ، وفرتها برامج حوارية على شاشات التلفاز ، هي محط تقزز المواطنين ،  فباعوا أنفسهم في سوق النفاق والذيلية ، من خلال ادعاءات وتصريحات ، تفضي الى تغليب مصالحهم الضيقة على حساب الوطن والشعب ..!
اتمنى ان تكونوا معي ، واجعلوا التفاؤل شعاركم .. ودعِ المقادير تجري في أعنّتها ولا تنامنّ إلا خاليَ البالِ ...  فما بين غمضة عينٍ وانتباهتها يُغيّر الله من حالٍ إلى حالِ !