{النياندرتال} دفنوا موتاهم محاطين بالأزهار

الصفحة الاخيرة 2020/03/04
...

ترجمة/ انيس الصفار                                       
في الاسبوع الماضي اكتشف العلماء في كهف شانيدار في منطقة كردستان العراق النصف الاعلى من هيكل عظمي لإنسان نياندرتال بالغ عاش قبل 70 ألف عام. كان هذا الشخص، الذي اطلق عليه اسم "شانيدار زي"، في الاربعين او الخمسين من عمره عند الوفاة، ولم يمكن تحديد جنسه.
 
 
 
خلال القرن العشرين كان كهف شانيدار موقعاً مركزياً للتنقيب البحثي، حيث أسفرت التنقيبات التي أجريت قبل ستين عاماً عن بقايا 10 افراد من  النياندرتال، سبعة منهم بالغون وثلاثة رضع، خرج العلماء منها بنظرة معمقة حول الخصائص الجسمانية والسلوكية ونوع الغذاء لهذا النوع البشري.
عثر في نماذج التربة المصاحبة لأحد الهياكل العظمية آنذاك على كتل من حبوب طلع لأنواع من الازهار، وهو اكتشاف دفع العلماء المعنيين الى افتراض ان النياندرتال كانوا يدفنون موتاهم وفق طقوس جنائزية تصحبها الزهور.
هذه الفرضية أدخلت تغييراً على النظرة السائدة في ذلك الحين، بأن النياندرتال كان كائناً بليد العقل وحشي الطباع، وقد نقضت الاكتشافات الجديدة هذا التصور أكثر.
بيد أن النقاد شككوا في مسألة "الدفن مع الازهار" وحاججوا بأن حبوب الطلع ربما كانت نتيجة تلوث من عهود أحدث انتقلت مع الذين عملوا في الكهف أو سكنوه، أو بسبب حفر احدثتها القوارض والحشرات.
إلا أن عظام "شانيدار زي"، التي يبدو أنها الجزء العلوي من هيكل عظمي كشف عنه في 1960، عثر عليها وسط ترسبات احتوت على حبوب طلع من عصور غابرة الى جانب بقايا نباتية متمعدنة. هذا الاكتشاف أحيا الاحتمال القائل باستعمال الازهار في طقوس الدفن. وتجرى الان اختبارات على هذه المواد لتحديد عمرها وانواع النباتات التي أتت منها.
تقول إيما بوميروي، المتخصصة في علم العظام والحفريات القديمة والباحثة الرئيسة في هذه الدراسة: "بعد أن كنت من المشككين بدليل استخدام الزهور في طقوس الدفن ألفيت نفسي أتقبل هذا السيناريو وأجده معقولاً، وإنني الآن في لهفة لرؤية النتائج الكاملة لهذا التحليل".
تجادل الباحثون على مدى السنوات حول ما اذا كان النياندرتال يدفن موتاه وفق شعائر وطقوس جنائزية مثلما نفعل الان، والجزء الأكبر في ذلك الجدال يتعلق بمستوى التعقيد الادراكي.
تقول بوميروي: "الشيء الاساسي هنا هو القصد من عملية الدفن، فنحن قد ندفن الجثة لاسباب عملية بحتة، مثلاً كي لا تجذب اليها الحيوانات أو لتخفيف أثر الروائح المنبعثة. ولكن عندما يتجاوز الأمر الجوانب العملية تصبح له أهمية مختلفة لأن ذلك يشير الى نمط تفكير أعلى رمزية وتعقيداً وتجريداً، نمط يشير الى وجود العاطفة والاهتمام بالشخص الميت، وربما حتى مشاعر الأسى والتعلق والافتقاد."
 
كويل دانهام/عن صحيفة واشنطن بوست