حنين حار

ثقافة 2020/03/07
...

  حميد المختار 
 هي حنين لمعاودة النهوض الملحمي وحنين للفتوة المتفردة وحنين لمسرح عراقي يعيد انوار مسرح الشعب، وهي إذن مسرحية تعيد ألق هذا المسرح العريق بتأليف واخراج مخرج مغترب ماكث في بلده حتى في غيابه هو الفنان الكبير جواد الاسدي، وهي  مسرحية الطاقات التمثيلية الكبيرة – مسرح الممثل – مناضل داود تألق وخرج عن مألوف الادوار التقليدية يخرج من حالة ويدخل في اخرى يلبس لبوس الفنان التشكيلي المتمرد الصاخب العابث الثابت الوطني الصارم المحب الصادق، وتقابله شخصية غاية في التعقيد والبساطة والحكمة والجرأة الفنانة الاء نجم مقدرة فائقة تألقت وارتقت وحلقت في تخوم بعيدة حتى لتخالها نجمة العصور البيضاء في أصالتها وهمتها وقدرتها على تلبسها لبوس الزوجة المحبة العاشقة الفنانة القديمة المقتدرة الحامل لجنين لن يرى النور، آلاء ثروة تمثيلية آن لها ان تنطلق باسم بلدها العراق نحو العالم بلا حواجز او عراقيل، ومن ثم الفنان الشاب ( امين مقداد ) بشعره الطويل ورهافته ورومانسيته وعزفه وشكله الذي يذكرنا بشخصيات ( جايكوف ) وغيره من كتاب المسرح الكلاسيكي وموسيقاه العظيمة، بقي ان نقول عن العمل انه صرخة انسانية خارجة عن نطاق المحلية وان ذكرت بعض مدن وشوارع بغداد والعراق عموماً لكنها صرخة اليأس والتشاؤم حين يموت الجنين – المستقبل ويموت الاب – الجد – الماضي ونحن متشابكون في واقع ملتبس متقاطع مع ذاته، فلا توافق ولا ألفة ولا انسجام لا الزوج جبار مع ذاته ولا شفيقة مع روحها وهما كزوجين صالحين لحياة أسرية صافية، إنها رواية المؤلف – المخرج وهو الفنان العراقي الذي اغترب طويلاً ثم عاد الى بلده ومازال بلده يعاني من الفرقة والتشتت وضياع الهدف في واقع مرعب ومستقبل غانم، هذه الصورة حاول ان يوصلها لنا جواد الاسدي واستطاع ذلك، وصلت الصورة، لكنها صورة ملتبسة ايضاً ولولا قدرة الفنانين مناضل وآلاء التمثيلية الهائلة لضعنا في غموض الهدف ولانتابنا بعض الملل ونحن نبحث عن حنين المحلية العراقية بين شخصين يرتديان طيلسانات غريبة عن واقعنا المفترض، البطل جبار وكأنّه شخصية مستلة من مسرحيات عالمية والشاب أمين العازف كركتر غربي وغريب عن الروح المحلية التي نبحث عنها في تفاصيل هذه المسرحية – وفي الختام كانت المتعة واضحة المعاني في التمثيل والعزف الموسيقي وهمسات الابطال في خوفهم على البلد وشبابه وضياع الابناء في خضم موت وقتل ورصاص طائش، انها مسرحية ( تعيد للمسرح العراقي أنوار مسرح الشعب الذي كتبه رواد العراق العظام )....