هل تنبأ رياض أحمد بموته ؟

الصفحة الاخيرة 2020/03/07
...

عبد الجبار العتابي 
 كان شتاء العام 1997 قارساً، جافاً قاسياً جداً ببرده ، لكن المطرب الكبير رياض احمد (1951 - 1997) جاء الى الصالحية ملبياً لدعوة من الصحفي الدكتور مجيد السامرائي لتسجيل حوار اذاعي معه لبرنامجه "حوار بلا اسوار" لصالح اذاعة بغداد، وكان اللقاء الاول بينهما، البرنامج حوار في السيرة الذاتية لحياة الفنانين العراقيين،
 جاء رياض وهو يرتدي الجينز ومعطفاً اسود، ما ان دخل مبنى الاذاعة والتلفزيون، حتى استقبله السامرائي مرحباً به، لكن رياض احمد قال بدهشة واعجاب : "معقول ابو مقعد امام الشاشة الصغيرة يعرفني ؟" رد عليه مجيد مستفهماً  "ابو احمد هل تعرفني؟ أنا مندهش" فقال رياض بلهجته المحببة "بويه .. اتاني يوم الاحد، حتى أقرأ الزاوية" !! (كانت الزاوية تنشر يوم الاحد في الصفحة الاخيرة من صحيفة الجمهورية )، ثم اردف رياض "وروح فرحه (امه) يوم كالولي فلان يريدك كلت اجيك على راسي كبل اجدامي ..!!" في الاستوديو قال رياض لمجيد بكثير من الالم والتعب واليأس ايضاً : "بويه هذا آخر حوار في حياتي؛ آنه مودع خويه هاي الدنيه ..". فكان ان توفي حقاً بعد ايام، في السابع من اذار، كان حينها يشكو تصلباً في الشرايين وتشمعاً في الكبد، ويبدو ان الحزن في داخله جعله يفرط في كل شيء!! .
يقول د. مجيد السامرائي : سجلت له ثلاث ساعات؛ ساعة ونصف منها بكاء مر ..، قرأ لي بصوت محمد رفعت، كان يشكو ويبكي، يشكو الغدر ويردد (دارميات) ويغني (محمداوي) بهذا
 الصدد !. 
ويوضح : مر الوقت الطويل ما بين بكاء ومشاعر جياشة ومحاولات تسجيل وشعور طاغ باليأس. كان رياض يبكي داخل الاستوديو ويتحدث عن الموت وعن اقتراب موعد رحيله من الدنيا . 
يقول السامرائي كان رياض يتحدث وكأنه يعلم انه سيموت !! ويؤكد : للاسف ..فقدت التسجيل ومن ثم حصلت عليه من عراقي مقيم في أوكرانيا؛ واعتقد إنه قد سرق او مسح من داخل مكتبة الاذاعة والتلفزيون، ذلك الشخص طلبت منه ان يرفعه على اليوتيوب ففعل ذلك ثم طلب اللجوء الى الولايات المتحدة .. بعد ان قال لي وهو يصف الحوار مع رياض " صدك جذب بويه هذا
 مسودن !!" 
 ويؤكد السامرائي في مساء ذلك اليوم كان الجو بارداً جداً ، وبعد الحوار كان لابد أن اذهب الى سامراء، فقرر رياض ان يوصلني الى كراج العلاوي وهناك اعطاني تفاحة خرافية الحجم لم اكلها حتى، تعفنت، هناك ، وانا اودعه، قال لي "خويه راح اموتن" ثم قبلني وقال لي "هذه بوسة مودع" !! ويستطرد : بعد ايام سمعت خبر رحيله عن الدنيا، اعدت بث حلقته من برنامج (حوار بلا اسوار) بعد منتصف الليل، كنت انا بسامراء؛ اجهشت بالبكاء في جوف الليل فايقظت اولادي وافزعت
 زوجتي.