علي رياح
ما الذي يمكنُ أن يحدثَ إذا تبادلنا الأدوار ؟ كاتانيتش يتخلى عن زي التدريبِ ويتجهُ إلى المدرجاتِ ليؤدي دورَ المتفرج بكل حماسته وتعصبه .. والإعلامي يترك محل العمل أو مواقع التواصل الاجتماعي ليتسلـّم زمام تدريب المنتخب!.
في كل مرة أعيد طرح السؤال على نفسي ، في خضم واحد من جوانب أزمتنا في الرياضة وفي الإعلام ، حين يقرّر أحدنا أن يلعب دور المدرب ، فما إن تنقضي جولة من مباريات الدوري حتى تزدحم أطروحاتنا بالكثير من أسماء اللاعبين الذين يستحقون الالتحاق فورا بصفوف المنتخب ، لمجرد أن صاحب الرأي يعتقد بأن كل لاعب يبرز في مباراة أو يسجل هدفا جميلا ، مؤهل لأن يستحوذ على فكر كاتانيتش ليستدعيه من دون إبطاء ، لأن الإبطاء هنا ضياع لموهبة ينبغي إحاطتها بالرعاية والكثير من المواكبة الإعلامية ، ولا أقول التحشيد الإعلامي!.
إذا انجرّ المدرب السلوفيني إلى ما نطرحه في يوميات الدوري ، فسيجد نفسه في خاتمة المطاف وقد استدعى العشرات من الوافدين الجدد إلى المنتخب ، بجانب الأسماء المعتمدة لديه التي توفرت قناعته المسبقة بها!.
هذا الضغط المفرط في العلاقة بين كاتانيتش والإعلام حول أحقية كل لاعب في أن ينال فرصته في المنتخب ، سيجعل المدرب وقد وزّع برنامجه على أربعة أو خمسة منتخبات وطنية فيها من يصلح تماما ، أو لا يصلح مطلقا لأن يلعب للمنتخب .. وكاتانيتش بالطبع محظوظ هنا لأنه لا يجيد اللغة العربية قراءة أو كتابة ، فهو لا يُحسن بعد سنة ونصف السنة من عمله مع المنتخب العراقي غير عبارات شعبية مبتسرة من قبيل (شلونك) .. (الله بالخير) .. (شكو ماكو) وعبارات أخرى ربما يُردّدها من كثرة تداولها على ألسنتنا ، ويحاول محاكاتنا في تلفظها وهو يطلق ابتسامته التي تكشف عن مَشقـّة بالغة!.
في خليجي خمسة عام 1979 في بغداد ، اختار المدرب الراحل عمو بابا ستة مهاجمين للتناوب في موقع المهاجم الثالث مع فلاح حسن وحسين سعيد الثابتين في المباريات الست التي لعبناها .. اختار مهدي عبد الصاحب ، حارس محمد ، علي حسين محمود ، سليم ملاخ ، آرا همبرسوم وثامر يوسف ، بينما كان اللاعبون العشرة الآخرون ثابتين تقريبا في التشكيلة إلا إذا استدعت الطوارئ .. وكان بين الإعلاميين من أشكل وقتها على شيخ المدربين مثل هذا التزمت في التشكيلة ، لكنه لم يمارس أية ضغوط أو وصاية أو حجر على رأي المدرب ، لأن الأخير هو المعني والمسؤول عن مهمة لن يؤديها الإعلامي بدلا منه ، فالإعلامي لن يدفع عن المدرب مرارة النقد عند وقوع الاخفاق!.