كالفينو.. ناسك باريس

ثقافة 2020/03/10
...

 قحطان جاسم جواد
 
من الكتب الجديدة لدار المدى للإعلام والثقافة والفنون كتاب «ناسك في باريس» تأليف “إيتالو كالفينو” وترجمة «دلال نصر الله” وقام بتصميم الكتاب “ماجد الماجدي”، ويقع في 269 صفحة من القطع المتوسط . الكتاب مذكرات لهذا الكاتب الكوبي الولادة (1923)، ثم انتقاله إلى إيطاليا مع أسرته بعد سنتين. أصدرغير كتاب منها هذا الكتاب الذي سبق أن صدر في لوغانو بكمية محدودة. والداه يعملان بزراعة وإدارة معهد نباتات الزينة، لذلك، وبحكم توجه العائلة، دخل كلية الزراعة وليس برغبته. لكن الأدب ملأ رأسه وتغلب على نزعة الزراعة وتفاصيلها. ثم التحق بكلية الآداب في تورين، ودخل عالم الأدب العام 1945 حين نشر أول قصة له. كما عمل لفترة طويلة في دار اينودي. من أشهر أعماله الفيكونت المشطور، والبارون فوق الأشجار، والفارس الخفي، والطريق الى بيت العناكب.الكتاب يتكون من اثني عشر عنصرا نشرها كالفينو في كتب مختلفة، وهي لا تمثّل سيرته الكاملة. في العنصر الأول يقول إنّه ذهب الى تورين لأنّها جذبته لعدة أسباب منها غياب الرومانسية المفرطة، والاعتماد على المجهود الفردي، والفطرة الخجولة والمتحفظة، والحياة فيها ممتعة وعقلانية وتسخر من الواقع، ووقفت في وجه الفاشية. ويكفي أنّه تعرّف على أهم أبنائها الكاتب «تشيزاري بافيزي» الذي تعلّم منه الكثير وشجعه على الكتابة والنشر. كما تضمن الكتاب حوارا مع كالفينو يشير فيه إلى أنّ ابتعاده عن قرية طفولته حرمه من مصدر إلهام أساسي. وقد كتب عن المناضلين لذلك أصبح قريبا من طبقات اجتماعية عدة، وهو معجب بصاحبه الشاعر بافيزي وكذلك بالخطاب الأدبي للكاتب فيتوريني، إلى جانب البرتو مورافيا الذي يعده الكاتب الإيطالي المؤسس الذي يصدر كتبه بانتظام واستمرار. ومن المعاصرين يذكر همنغواي وتوماس مان، وأجاب بطرافة عن سؤال ماذا تكتب اليوم فقال: أنا لا أعد دجاجاتي حتى تفقس من البيضة!
من المفارقات الأخرى لديه يقول إنّ أيّ كاتب في إسبانيا على زمن فرانكو لا يمكن أن يفوز بجائزة أدبية إلّا إذا كان قد غازل أو أيّد فرانكو، ويغطي ذكرك الغبار إذا وقفت ضده! في حوار آخر معه تحدث بالتفاصيل عن كاتبه المفضل بافيزي فقال: تتمتع رواياته بأسلوب متميز ووحدة موضوعية مكثفة جدا، كنت أظن أنّ أفضل رواياته «منزل في التل» لكني وجدت بعد حين أنّ روايته «الشيطان في التلال» أثرى فنيا. والمثير في الموضوع أن أيّاً من كتاب إيطاليا لم يسلك طريق بافيزي من بعده، لا من ناحية اللغة أو التوتر الشعوري، ولا حتى في ألمه. في جواب له عن تساؤل لماذا تستمد صور موضوعاتك من الواقع ولا تحبذ الخيال؟ قال: أنا لا أبدأ من فكرة منهجها شعري بحت. ولا أقول لنفسي سأكتب قصة واقعية أو نفسية 
أو خيالية. المهم عندي هو ماهيتنا والطريقة التي تمكنا من تعميق علاقتنا بالعالم مع الآخرين، وأن نحب كل الكائنات ونرغب بتطورها، بعدها ضع قلمك على الورقة البيضاء وابدأ من نقطة محددة، وستنتج علامات سوداء لها معنى، بعدها انتظر نتيجة العملية. وفي فصل آخر يتناول نشاطه ضد الفاشية عندما انخرط في غاريبالدي بريجادس، كما صار ناشطا سياسيا لصالح الحزب الشيوعي.