مناقصة زواج!

الصفحة الاخيرة 2020/03/31
...

حسن العاني 
 

يعدُّ الشك إحدى الظواهر الطبيعيَّة في حياة الإنسان وإنْ كانت نسبته تتفاوت بين شخصٍ وآخر، فقد تكون عند (س) 7 % ولذلك لا تظهر عليه ولا أهمية تذكر لها، بينما تكون عند (ص) 70 % أو أكثر، وهذا النوع هو الذي نسميه (شكوكي)، وأي إنسان بهذه الصفة يكون مزعجاً ومقرفاً ولا يطاق... وبالتأكيد لا توجد نسبة شك تصل الى 100 % إلا في العمل السياسي، ومعلوم إنَّ رجل السياسة وحده الذي تقوم حياته على هذه النسبة المئويَّة الكاملة، لأنه يعرف بأنَّ خصمه يُظهر ما لا يخفي، ويخفي ما لا يظهر، وبالتالي فإنَّه يتعامل (مع الآخر) بالمثل، وهذا السلوك طبيعي في العمل السياسي ولا يُنظر إليه على أنه معيب أو مخجل، لأنَّ السياسة وسطٌ متحركٌ متغيرٌ متقلبٌ، يقتضي الكثير من جسّ النبض وكشف النوايا، ومن هنا برزت ظاهرة التنقل بين السياسيين، يأخذهم اليمين واليسار والدين والمذهب، مثلما تأخذهم العلمانيَّة والمعارضة والحكومة، لانهم يشكون حتى في إئتلافاتهم، ولأنَّ الشك عندهم هو الذي يقود الى الاختيار الأفضل الذي يوفر العيش الرغيد واللقمة الدسمة!
أنا رجلٌ أخافُ السياسة وأبتعد عن حرامها ولا أقرب حلالها، وهذه مشكلتي مع زوجتي من اللحظة التي غادرنا فيها المحكمة الشرعيَّة، فهي بخلاف العراقيات لا يحتوي دمها على كريات بيض ولا حمر، وإنما كريات سياسيَّة، ولذلك، وقبل أنْ ينصرم أسبوعُ العسل، ومنذ أربعين سنة والشك لا يغادر عقلها وسلوكها حتى تسرب الى علاقتنا الزوجيَّة، إنَّ جيوبي وأوراقي وموبايلي عرضة للتفتيش، فهي تشك مثلاً بأنني أتقاضى مليوني دينار من جريدة الصباح، وحين أخبرتها بأنني لو أتقاضى نصف هذا المبلغ لنظمتُ قصيدة عموديَّة عصماء بحق رئيس التحرير، لم تصدق، ودفعتها شكوكها الى الاتصال بإحدى زميلاتي الطيبات في الجريدة، وسألتها بطريقة النسوان الماكرة عن أجوري، ولكنَّ المؤسف أنَّ زميلتي من باب المزاح ردّت عليها (ما شاء الله.. راتب أستاذنا حسن العاني 3 ملايين) وأترك لكم تقدير الموقف!
شكوك زوجتي من طراز خاص، فهي على الدوام تطرحُ عليّ أسئلة سياسيَّة (محذورة) لاعتقادها الواهم بأنني أدهى من عمر بن العاص (مع أنَّ الرجل كان محتالاً سياسياً أكثر منه رجل مبادئ سياسيَّة)، فإذا أجبتُ عليها اعترضتْ وصححت الإجابة واتهمتني بأنني أحاول السخرية منها، وإذا اعتذرت ركبت الشكوك رأسها، وقد حاولت غير مرة التخلص منها الى الحد الذي أبلغت (المساءلة والعدالة) لاجتثاثها كونها كانت عضو قيادة شعبة في حزب البعث المنحل، إلا أنني لم أفلح، إذ نظروا الى معلوماتي على أنها (كيديَّة).. على أية حال كان آخر خلاف (حاد) معها حول التنظيم (س)، إذ وصفته بأنه (الممثل الحقيقي لطموحات الشعب)، بينما كنت أرى بأنه (يلطم مع الشعب ويأكل مع السلطة) وقد احتدم الخلاف وتحول الى غضب وعنف و.. وهكذا طلقتها على المذهبين السني والشيعي (لأنها جعفريَّة وأنا شافعي)، وشعرت بالراحة المطلقة كوني اتخذت القرار الصائب لأول مرة في حياتي!!
إعلان: يوجد رجل مطلق يعمل صحفياً، راتبه الشهري (....) ألف دينار، يروم الزواج من إمرأة لا يقل عمرها عن 60 سنة ولا يزيد على 61 سنة، لا تتحدث في السياسة ولا تسأل عن الراتب، فعلى من تتوفر فيها الشروط اللازمة التقدم بطلبها، علماً بأنَّ الرجل غير ملزم بقبول أوطأ العطاءات!!