الإبحار بين المواريث والخيال الخصب

ثقافة 2020/04/03
...

 
صباح محسن كاظم
 
 
لعلّ إحدى وسائل البنّاء الثقافيّ والجماليّ والذوقيّ في التنشئة للطفولة الصحيحة ماتحمله رسالة "مسرح الطفل".. ثنايئة "التعليم/ المتعة" تتحقق برسالته الإتصاليّة المباشرة عبر تسلية الطفل, وامتاعه من خلال تنمية القيّم التربويّة, والسلوكيّة ,وتنمية القدرات الذهنيّة بإثراء المُتخيل العقليّ"للطفل" وأرى أن المسرح المدرسيّ له ضرورة قصوى في صقل وتحفيز الطالب من الابتدائيّة, وهو علاج نفسي ترى وجوها مستبشرة ضاحكة من الأعماق بالمواقف الطريفة,وأنسنة النبات والحيوان بحكايا ملونة بالأزياء الجاذبة لتفاعل" عقل/ وذوق" الطفل وتنمّي قدراته بالتحليل.. والنقد.. والتوافق.. والرفض للمواقف التي لاتلائم مخيلاته، إن غرس المثل النبيلة بالتضحيّة,والتعاون, والإنسجام,واختيار الموقف الإيجابي بالوجود, وعدم الوقوف مع الباطل..بالطبع بجميع أشكال المسرح الهدف السامي من الملحمي للمولودراما لمسرح العرائس.. لمسرح الطفل الذي له رسالته النبيلة، التي يحاول بها يصقل شخصية الطفل، كما أكدت ذلك بكتابي" الرمز والمسرح". 
 "حكايات بطعم الاحلام" للممثل والكاتب المسرحي عمار سيف منشورات أحمد المالكي/ 2019 .. مسرحيات تعليميّة تبث القيّم الجماليّة لتغرسها بعقول الأطفال ويتفاعل معها الكبار لقد حضرت مرتين لعرضين أحدهما بقاعة التمريض وأخرى بحداق بهو الناصرية ولمست التفاعل الحيّ سابقا.
"مسرحيات الفتى والصورة-الصبي الطائر–كوميديا الأرنب والشتاء–عندما يغني الكلب- حلم الأمير–عفريت في زجاجة" موضوعات مستلة من التراث والبيئة وحياة الغابة والواقع، لاريب ان فهم سايكولوجية الطفل والتعامل معه بحذر بالألفاظ والألوان والخطاب يحقق المرتجى من الرسالة المسرحيّة وبث القيم والمثل الجماليّة التي تنشط القدرات الذهنيّة للطفل، الذي عقله كالورقة البيضاء تملى بالجمال إن وصلت المبادئ الحقيقيّة للتعريف بالصراع بين الخير والشر .. ولتنمية المهارات التي تصنع العقول , والأجيال, من خلال المسرح الهادف لملء الوعاء بالعسل بدلا من السم .
كتب المقدمة المبدع سعد هدابي ص5 يطالعنا الكاتب عمار سيف عبر نسيج حكائي ملغم بالقيّم الاخلاقيّة والمعرفيّة غايّة في الاتقان.. فهو يبحر بالذاكرة عبر المواريث تارةوبالخيال المتقد الخصب تارة أخرى، لذا جاء منجزه احلاما بطعم الحكايّات شموليا بقراءة تلك المسرحيات لعمار سيف أجد:
1 - تميزه بكتابة الحبكة بلغة سهلة وغير معقدة وصعبة الإدراك في مقدمتها ووسطها ونهايتها تتناسب مع عقول الأطفال. 
2 - الحوارداخل معظم النصوص كل كلمة دالة على فعل معين بين الاستهجان والقبول العقليّ وهذا مايحسب للمؤلف لرفع مستوى العقل عند الطفل ويجعله بالسلوك الإيجابي، الحوار,الغناء,الرقص,الحركة تلك المساهمات محببة بالنص. 
3 - نجح بصنع البهجة للطفولة لذلك فازت بعضها بجوائز عربية كالفتى والصورة وكوميديا الأرنب والشتاء وغيرها.
في مسرحية الفتى والصورة أراد: تعليم الأطفال كيفيّة التعاون,ونشر المحبّةوالتعاون والإنسجام والابتعاد عن الأنانية، التي هي الداء بالتمحور حول الذات وهي تسبب الكراهية لدى الآخر، فقد حقق الرسالة من خلال الحوار بين (الفتى و- يعقوب ).. يعقوب الذي يأبى أن يشارك الفتى بسلوكه" ..ص 11 : الفتى : لماذا؟ألست صديقي؟
يعقوب: نعم صديقك ولكنني لم أعد أطيق اللعب معك لأنك مغرور ولاتحب الا نفسك,وتفعل كل شيء من أجل أن تغضب كل من حولك بسبب تصرفاتك المشينة ".
إن زرع روح المحبة والتعاون يثمر ببناء الشخصيّة والأجيال تقترب تلك النصوص الأخرى لهذه الرسالة الجمالية والأخلاقيّة لبناء الشخصيّة الناجحة بالمجتمع.