{كورونا}.. يستنفر نخوة العراقيين

الصفحة الاخيرة 2020/04/05
...

بغداد/ أ ف ب
 
يرفع أبو هاشم، رجل الأعمال العراقي الخمسيني، دشداشته إلى ركبتيه، وهو يشرف على إعداد حصص غذائية عند مدخل أحد المتاجر الكبيرة في بغداد، ضمن حملة تعاضد أطلقها العراقيون لمساعدة الأسر "المتعففة" كما يسمونها، في ظل تفشي وباء كورونا المستجد الذي قطع أرزاق كثيرين.
يقول أبو هاشم: إن "ما نقوم به واجب إنساني تجاه المجتمع ويجب على كل ميسور أن يقوم بهذا العمل".

أودى فيروس (كوفيد – 19) حتى الآن بـ56 عراقياً وأصاب أكثر من 800 شخص، بحسب وزارة الصحة، لكن إلى جانب الإصابات، تفرض السلطات حظراً شاملاً للتجول في عموم البلاد منذ نحو 20 يوماً، أرغم العديد من أصحاب المصالح على تعليق أعمالهم.
وبات الكسبة وموظفو القطاع الخاص بلا دخل. فقط موظفو الخدمة المدنيَّة هم من يتلقون أجورهم.
لذلك، تتوزع مجموعات من الشبان في أحياء عدة من بغداد، قررت أن تمد يد العون للأسر التي انعدم دخلها.
تصطف تلك الأكياس على أرصفة قبالة متاجر مواد غذائية، قبل توزيعها على المنازل المحتاجة.
يقول مصطفى العيسى (31 عاماً)، وهو منسق حملة "منتظرون" في بغداد: "بعد فتوى المرجعية الدينية العليا، قررنا جمع مبالغ وتوزيع المؤن بين الاسر المتعففة".
يوزع هؤلاء أكياساً بلاستيكية معبأة بمواد أساسية، كالسكر والعدس والفاصولياء، إضافة إلى الأرز.
ويتوقع العيسى أن تطول الأزمة، لذلك هناك خطط "للشهر السابع (تموز). لدينا أشخاص تخزن الآن كي نوزع في وقت لاحق إذا استمر الأمر".
وأقدم أصحاب عدد من المحال التجارية أيضاً، على وضع صناديق لتلقي تبرعات مالية ممن يرغب من زبائنهم بدعم المحتاجين.
وحوّل أسعد الساعدي (40 عاماً) منزله في شرق العاصمة بغداد، إلى ورشة لتصنيع الكمامات الطبية وتوزيعها مجاناً بين المواطنين.
ترك الساعدي ألمانيا التي يقيم فيها منذ سنوات، وعاد إلى العراق منذ أكثر من ستة أشهر وبادر مع أفراد أسرته إلى شراء ماكنتي خياطة وأقمشة تصنع منها عادة الكمامات، ويتناوبا عليها هو ووالدته"، قبل إيصالها عبر دراجات هوائية أو نارية إلى المنازل بمعدل عشر كمامات للأسرة الواحدة".
وينجز الساعدي، الذي ترك زوجته وأطفاله في ألمانيا، ما يقارب ألف كمامة يومياً، ويتطلع إلى صناعة ملابس خاصة بالملاكات الصحيَّة، خصوصاً مع النقص المزمن في المعدات الطبية والأدوية.
تصل يد العون حتى إلى مدينة البصرة، حيث يتولى أحمد الأسدي إدارة فريق من سبعة أشخاص بينهم أربع فتيات، لجمع التبرعات لشراء وتوزيع مواد غذائية.
يقول الأسدي: إنَّ "كل شيء بمبادرة شخصية من المتبرعين والمتطوعين، وبدون أي دعم من جهة".
ومن الحلة إلى النجف والناصرية، جنوب بغداد، هي المبادرات نفسها، من مساعدات وحسومات وتخفيضات، وحتى رفض بعض المؤجرين استيفاء الدفعات الشهرية من المستأجرين.
ووصولاً إلى سامراء، تسارع متبرعون بينهم سيدات للمساعدة في تخطي الأزمة.
وصلت الحملات إلى غرب البلاد، وتحديداً محافظة الأنبار، حيث أطلق البعض دعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي لاستضافة أسر للإقامة في المحافظة الصحراويَّة، إذ لم تظهر هناك سوى حالتين.
وفي انتظار أن تنجلي غيمة المرض الذي اجتاح العالم، يقول الخمسيني محمد الجبوري، صاحب مزرعة في محافظة بابل الجنوبية: إنَّ "واجبنا اليوم مساعدة المحتاجين، حتى يرحمنا الله ويخلصنا من هذا الوباء".