حسين علي الحمداني
شكل تاريخ التاسع من نيسان 2003 علامة فارقة في تاريخ العراق، لا أحد يمكنه تجاوز ذلك بحكم إن في هذا اليوم سقط نظام قمعي جثم على مقدرات العراق 35 سنة كانت مليئة بالدم والحروب والمشانق،ولم تكن هذه السنوات الـ 35 ،سنوات بناء ورفاهية بقدر ما كانت سنوات كرست فيها كل الطاقات لبناء أجهزة أمنية غايتها مراقبة الناس وتكميم أفواههم وقمعهم، مضافاً لها سلسلة حروب داخلية وخارجية كان الخاسر الأكبر فيها العراق
وشعبه.
ومع هذا الكثير منا ينظر للتاسع من نيسان من زاوية أخرى وتعود بنا الذاكرة إلى يوم التاسع من نيسان 1980 في ذلك اليوم الذي قرر فيه الطاغية المقبور صدام إعدام الشهيد محمد باقر الصدر(قدس سره)وأخته الشهيدة بنت الهدى،ورغم الفاصل الزمني بين التاريخين إلا إن هنالك ترابطاً كبيراً جداً بينهما يحمل دلالات كثيرة لعل أبرزها إن هذا الطاغية في ذلك اليوم من عام 1980 قد اختار طريق نهايته ورسمها بالشكل الذي شاهدناه جميعاً وتهاوى نظامه الذي كان يتصور إنه قوي جداً بحكم تعدد الأجهزة الأمنية والقمعية التي تحيط به من جميع الجهات، لكننا وجدنا عكس ذلك تماماً حيث لم تنفعه هذه الأجهزة ومعداتها التي كانت مخصصة لقمع الشعب وليس لحماية البلد من العدوان الخارجي والحفاظ على سيادته واستقلاله. وقد لخص الشهيد الصدر (قدس سره) قبيل إعدامه مستقبل هذا النظام القمعي بقوله (والله لن تلبثوا بعد قتلي إلا أذلة خائفين, تهول أهوالكم وتتقلب أحوالكم ,يسلط الله عليكم بأيديكم من يجرعكم مرارة الذل والهوان ,ويسقيكم صاب الهزيمة والخسران) وأنا أخذت مقطعاً واحداً لكلام السيد محمد باقر الصدر وهو ملخص واقعي لما حدث لهذا النظام القمعي وفي ذات اليوم الذي أعدم فيه الشهيد الصدر وهذا ما يؤكد إن التزامن التأريخي لم يكن صدفة بحتة بقدر ما إنه إعلاء لشأن الشهيد الصدر(قدس سره)أولاً، وكل شهداء العراق الذين قضوا في سجون ومعتقلات النظام القمعي
ثانياً.
وبالتأكيد إن الطاغية أعدم الكثير من أبناء الشعب العراقي ودفنهم في مقابر جماعية امتدت على امتداد جغرافية العراق من شماله إلى جنوبه، وكأن عمليات الإعدام للمفكرين والمثقفين هي الوسيلة للبقاء في الحكم وكتم الأصوات المعارضة له.
لهذا يمكننا القول إن سقوط الصنم يوم التاسع من نيسان 2003 لم يكن مجرد سقوط تمثال للطغيان والشر والتخلف بقدر ما هو تحقيق لرغبات ملايين العراقيين الذين استبيحت كرامتهم على يد أزلام هذا النظام الشوفيني، وربما كان البعض من أبناء الشعب العراقي لا يتصور حجم الجرائم التي ارتكبها صدام وأعوانه بحق العراقيين ولكن جلسات محاكمات أزلامه أثبتت للعالم وحشية هذا النظام التي تجاوزت الحدود ولم نقرأ في كتب التاريخ وحشية مماثلة لها من حاكم مع شعبه بمختلف أطيافهم، وهذا ما يؤكد همجية هذا النظام الذي استحق السقوط قبل هذا التاريخ.