دكاكينُ الإيهام

آراء 2020/04/11
...

قاسم موزان
 
بعد تزايد المخاوف من انتشار فيروس كوفيد 19 المستجد على نحو مرعب الذي شكّل وجوده تحديا جديا للوجود الإنساني وهو أشد ضراوة من الحروب لكونه عدوّا غير مرئي ، وفي غضون اتساعه الشرس توقفت تفاصيل الحياة اليومية، التي تعدّ عصبها الحيوي ودليل ديمومتها ، ولأول مرة منذ التكوين الاول  تكون خريطة العالم بحضاراتها ومدنيتها بحوزة فيروس مشؤوم  لايكاد يرى بأحدث الميكروسوبات، ويحدّد بنفسه تخطيطات الموت الأولية والاخيرة ويتلاعب بأعصاب المرعوبين من كابوسه المخيف، ارقام المصابين او المغادرين الى التيه البعيد في تنامٍ مستمر من تفشّيه على مساحة الكرة الارضية، ولم تجد المختبرات العالمية المعروفة بإمكاناتها العلمية مصلا فاعلا لإيقاف زحفه، الاّ انها توصي  باتخاذ إجراءات وقائية للحدّ من انتشاره ومع هذا عمَّ الهلع والخوف في ارجاء المعمورة، التي يبدو انها لم تعد كذلك بعد خلوّ شوارع العالم من ناسها ولزم سكان المدن الضاجّة بالصخب بيوتهم خشية  هجمات مباغتة من الفيروس القاتل او من ارتدادات عدوى عنيفة لا تبُقي ولا تذر ، وتوقّف التبادل التجاري بين البلدان وبات الاقتصاد العالمي على حافة الانهيار، بطبيعة الحال لم يكن العراق بعيدا عن مصيدة المرض وسُجّلت حالات اصابة في عموم البلاد واتخذت المؤسسات الصحية اجراءات وقائية وارشادات توعوية، منها حظر التجوال والبقاء في المنازل للحدّ من بلوغ المرض غايته لحصد المزيد من الارواح في ظروف صحية غير خافية على احد، الا ان تلك المؤسسات الطبية لم تألُ جهدا في محاصرة الوباء وتحجيم الاصابات في اضيق نطاق 
ممكن.
ازاء هذا الوضع الصحي المضطرب وحالات فزع المواطنين المشوب بالقلق المشروع من الاصابة بالفيروس المهلك، انتهزت  دكاكين الايهام و متاجر الطب البديل والتداوي بالأعشاب "الفرصة"  لخداع البسطاء الذين يبحثون عن حلول شفائية لتهدئة نفوسهم المتعبة من كثرة ما تنقله الشائعات والاخبار المفزعة من اتساع رقعة المرض، ووصل تمادي  تجار الدكاكين في تحديد وصفات ناجعة " حسب وصفهم" للخلاص  من  فيروس الجائحة اللعين منها الحبة السودة "حبة البركة " التي يدّعي جهابذة العطارة قدرتها على الشفاء من كل الامراض وفي مقدمتها فيروس كورونا !!، عطار  يشجّع على نبات الزنجبيل ذي الرائحة النفاذة واللاذعة ما يسهم في قتل الفيروس في مكانه ولايستطيع  بعدها حراكا، وآخر، يرى ان شرب كوب واحد من عشبة اليانسون قادر على الفتك بالمجرم  ويرديه قتيلا،  وهو يدرك تماما ان فوائد اليانسون تفيد الى حد ما في  نزلات البرد، آخرون يرون ان الحل للقضاء على الفيروس بحرق البخور والحرمل في البيوت لطرد الشياطين التي تمثلت بلبوسه، ويوصي البعض بأخذ الكمون وتناول الثوم الذي له القدرة في تدميرالفيروس، وآخر ماتفتقت به افكار تجار الخرافة  تم بواسطة حلم سيدة مزعوم  ان الرسول الكريم  طاف عليها وحمّلها امانة لإيصالها الى الناس بأن " السماق" هو العلاج الشافي من كورونا ، وكما يبدو ان سلعة السماق اصبحت راكدة لديهم فلجؤوا الى هذه الحيلة لترويج بيعها بعد ان اغلقت مطاعم الكباب ابوابها بسبب الحظر !! .