لكل وباء نهاية

آراء 2020/04/11
...

عدوية الهلالي 
 

لقد قلبت أزمة فيروس كورونا حياتنا رأسا على عقب وخلقت حقبة جديدة من القلق الجماعي ، فالطبيعة المفاجئة وغير المتوقعة للوباء ، وعدم اليقين بالمستقبل ، وقبل كل شيء الحاجة الى المسؤولية الاجتماعية التي لا تقتصر على المبادرات الفردية يمكن أن تولد مشاعر الخوف والعجز ، هذا الخوف الذي هو رد فعل له ما يبرره وله وظيفة ضرورية في مواجهة خطر حقيقي ، لذلك اذا تمكنا من تجاوز لحظة الذعر الاولى لاتخاذ الاجراءات المناسبة ، فسيكون الخوف بمثابة محرك ايجابي للعمل الجماعي ، اذ يؤدي الغياب الكامل للخوف او القلق الى الاستهانة بالوباء ، بل وحتى انكاره واهماله ، مع الفشل في تطبيق التدابير الوقائية وهو ما يشكل عواقب وخيمة على الصحة 
العامة ..
وتبرز لدينا مشكلة عندما يتحول هذا القلق الطبيعي والتكيفي في البداية الى هوس ووسواس فيصبح كل شيء مريباً ، ويمكن للناس ان يتخيلوا ان لديهم أعراض الفيروس حتى لو اتخذوا جميع التدابير الوقائية اللازمة ، وهنا يمكن للخوف ان يشل حياتنا اليومية وجهودنا للتكيف مع طريقة الحياة الجديدة التي يفرضها الوباء ..
 تسهم بعض وسائل الاعلام وشبكات التواصل الاجتماعي بشكل كبير في نشأة القلق من خلال التدفق المستمر للمعلومات المتناقضة في كثير من الاحيان بشأن الفيروس ، اذ يوصي خبراء الصحة العقلية ومنظمة الصحة العالمية بالحد من التعرض لوسائل التواصل الاجتماعي ، أما مصدر القلق الآخر فهو عدم معرفة كيفية التعايش مع العزلة عن الاخرين، اذ يعيش البعض فترة الحجز بالكثير من الألم ، حتى بالنسبة للانطوائيين ، لأن العزلة القسرية صعبة عندما لا تكون اختياراً ،بينما سيرى البعض انها فرصة لتعزيز روابطهم الاجتماعية من خلال الاستماع الى افراد الاسرة المسنين او الضعفاء ، وقضاء وقت ممتع مع اطفالهم ، ومع ذلك ، فهذا ليس ممكناً دائماً عندما نشعر بالارهاق من الخوف والعواطف
 السلبية ..
ما يهم هنا هو تعلم كيفية ادارة الخوف والقلق والتغلب عليهما عن طريق ممارسة افعال نحبها او التواصل مع الاشخاص الذين نحبهم لاثراء روابطنا الانسانية عن بعد وأن نتذكر دائماً ان اي وباء له نهاية وان التضامن مع الاخرين من خلال الامتثال لحظر التجوال هو الاداة الفعالة الوحيدة للحد من انتشار الفيروس وحماية الاشخاص الاكثر ضعفاً ..ومن المهم بشكل خاص قبول اننا نعيش في فترة صعبة مع تغييرات لا مفر منها ، فالخوف من هذا الفيروس قد يحرمنا مشاركة الاخرين رغيف خبزنا فيحرمنا بالتالي من انسانيتنا بجعل كل واحد منا يشتبه بوجود ملامح المرض في عيون الاخرين ..لكن " الجحيم ليس اناساً آخرين " كما يقول سارتر بل الجحيم الحقيقي هو الابتعاد والتخلي عن مساعدتهم بأية طريقة ممكنة ، لأن اتقاء شر الفيروس بالعزلة هو حماية من المرض ، اما شفاء النفس من الخوف والقلق فيمكن تحقيقه بالمشاركة في مبادرات انسانية كالتبرع للفقراء او عدم مطالبة اصحاب الاملاك بالايجارات وغيرها من الافعال التي تخفف من وطأة القلق من الفيروس والملل من 
العزلة ..