هل لـ {كورونا} تأثيرات في الثقافة وتوجهاتها؟

ثقافة 2020/04/12
...

بغداد/ مآب عامر
 
 
بعد كل أزمة يشهدها العالم تبدأ التوجهات الفكرية والتيارات الأدبية بالظهور بشكل يسهم في اظهار الثقافة بحلة جديدة أو بتوجه يختلف عما قبل 
الازمة. 
وما يعانيه العالم الآن إثر وباء "كورونا" من ركود في الحياة العامة وعلى الأخص الفنية والاجتماعية، قد يكون عتبة بعد انتهاء الأزمة لظهور توجهات فكرية وادبية أو بإعادة احياء فكر
 قديم. 
فكيف يكمن أن يكون التوجه الثقافي بعد الوباء، وما سيحدث من تغيرات عالمية وعربية ومحلية هل سيكون تأثيراتها مباشرة في الثقافة وتوجهاتها؟ 
 
الاختيار والمغالاة
يرى الشاعر الدكتور محمد حسين أنّ الإنسان الذي يكتب عن نفسه وماضيه لابد من أنه سيركز اهتمامه الكثير على كلّ ما يوصف بالتشنج والألم، وهو عندما يفعل ذلك يبدو وكأنّ يفقد دوره كإنسان، فنضطر عند ذلك أن نعلن عن الطابع المميز لما شاهدناه من أفعاله أو قرأناه من كتاباته سعياً للحصول على صورة لذلك الرجل في الوقت الحاضر أو في ما كان عليه في الماضي.
ويقول إنّ " من الصحيح القول دائماً، إنّ ما يخلق الشاعر والفنان والإنسان هو التحديد الصادق للحاجة والحبّ والتعلق الوثيق بشيء واحد أو أشياء قليلة وامعان النظر في كلّ جوانبها ليصبح متوحداً معها".
ويعتقد حسين أنّ أهمية النتاج تكمن في ديمومته، أي أنّه إذا ما مثّل الإنسانية في كلّ حين، فإنّه يكون جميلاً، وما الوسيلة في أن يكون المرء مثالياً إلاّ في أن يقوم بشيء حقيقي ولا يمكن القيام بشيء حقيقي إلاّ بالاختيار والمغالاة، ويكمن التباين كلّه في المغالاة على نحو متناسق.
ويقول أي شكل يجب على المرء تقمصه ليعبر أحياناً عن رأيه في ما يخص أشياء هذا العالم دون المخاطرة في أن يكون أحمق في ما بعد! هذه مشكلة شائكة، ويبدو لي من الأفضل أن تصفي تلك الأشياء التي تزعجك على نحو صريح، فتشريحها هو الثأر منها.
المغايرة الواقعية
ويعتقد رئيس اتحاد ميسان الناقد والشاعر حامد عبدالحسين حميدي أنّ ما يتعرض له العالم بأسره حالياً من تفشي وباء " كورونا "، كفيلٌ بأن يجعلنا نعيد النظر في كلّ المقاييس التي اعتدنا على العيش في ظلها.
 ويقول إن "كورنا" أصبحت ثقافة وعي تكاملي ومنظومة ارجاع تصحيح مسارات الذاكرة المخنوقة بتأزمات سياسية واقتصادية وثقافية وأدبية قد تكون ولادة صحوة عالمية بثقافة ورؤى جديدة تسقط كلّ ما أشيع سابقاً من مخزون مستهلك من قبل السياسات والانظمة الحاكمة.
 حميدي يرى أن هذا الوباء لم يعرف حدوداً معينة، بل تجاوز واخترق جميع الفضاءات المحلية والعربية والعالمية، ليضعنا أمام قراءة جديدة لما بعد هذه الأزمة.. وبما أن الثقافة وقعت تحت طائلة هذا الفيروس الوبائي العالمي، ستتغيّر – حتماً - لدينا جميع المفهومات الاعتقادية والدينية والأدبية والسياسية والصحّية... الخ، بمفهومات المغايرة الواقعية التي تأخذ طابعاً المراعاة والمعالجة الآنية المشدّدة، كونها أزمة مصحوبة بتأثيرات وافرازات نفسية كبيرة، فالجميع أصبح رهين المنزل والحدود المغلقة، رهين العناية بالفضاء الذي يعيش فيه، من أجل المحافظة على البقاء والانتصار للحياة بكلّ الوسائل والسبل المتاحة.
 
النصف الممتلئ من الكأس
أما رئيس اتحاد ديالى الشاعر علي فرحان فيعتقد أن العالم بعد كورونا، ستعصف به تغيرات ملموسة وفي جميع القطاعات وبالضرورة ستلقي بظلالها على ثقافة العالم. 
ويقول: لقد برهنت هذه المحنة أن العالم قرية صغيرة وأن مسار الدمع يحفر أخدوداً في وجه الإنسانية وعلينا الإنصات لصوت الطبيعة والاطفال بشكل أكبر، فتعاطي بعض الدول كان مفجعاً، فضلاً عن بعض الأصوات المتشفيّة التي دقت ناقوس كراهية ٍيعصف بروح الإنسان.
ورغم ان فرحان ينظر للنصف الممتلئ من الكأس، إلا أن الأصوات المجعدة، يجب ألا نغفلها، كما يقول.
ويشير إلى أن محنة فيروس كورونا وضعت الأنسان أمام صورة جبروته وطغيانه، وحسناً فعلتْ فقد فتكت ْبتغول بعض الأنظمة والمؤسسات التي تنكرت للسلام العالمي. وكل هذا كما أظن سيلقي برؤاه على ثقافة
 العالم.