أساليب تنمية القراءة العلميَّة عند الأطفال

اسرة ومجتمع 2020/04/14
...

قحطان جاسم جواد
 
 
 
في السنوات المنصرمة كتبنا للأطفال عن كلّ شيء، عن الثعلب والساحر وحكايات جدّتي والمدرسة وغيرها، فهل يجوز أن نبقى نواصل الكتابة للأطفال في هذه المجالات، في وقت نعيش فيه التطورات العلمية الهائلة والمواقف الغريبة والظواهر الكبيرة؟ هل يجوز ذلك ونحن على عَتبة العقد الثالث من القرن الواحد والعشرين، وإنّ ما كنّا نقوله للأطفال في الخمسينيّات والستينيّات لا يصح أن نقوله لهم اليوم، لأنّ كلّ شيء تغير من الفكر إلى السلوك والأخلاقيات والعقول. 
إنّ عملية الكتابة، حسب المفهوم العلمي، هي عملية تجسيديّة بارعة وخلّاقة، وهي، بحقيقة ذلك، تعكس، أو تمثّل، الصورة الإنعكاسية لحركة الإنسان والمجتمع، التي لا يمكن بأيّة حال من الأحوال تجاهلها، وتجاهل انعكاساتها ومؤثراتها، أو الاستغناء 
عنها، وهي حركة تطوريّة ومحوريّة وتوافقيّة، مع خليط المتضادات والمتجانسات من الأشياء والعوالم في أرضية الواقع المحلق، وهي كذلك عملية استكشافية للظواهر والمكونات والمواقف والأحداث والأحاسيس الخفية في ذات الإنسان، وفي عمق الأشياء والكون حسب ما يشير الكاتب «فاضل الكعبي» في كتابه العلم والخيال في أدب الأطفال.
إنّ تنمية حبّ الاطلاع وزيادة المعارف لدى الأطفال من المهمات الأساسية على الجميع تجاه الطفل، لزيادة معلوماته وتنمية 
خياله الخصب بكل جديد، وكلّ ذلك يأتي من خلال حثّ الأطفال على القراءة والمطالعة المستمرة، لا سيّما تنمية القدرات الذهنية في جانب العلم والخيال لزيادة الوعي والإدراك، لأنّ القراءة والمشاهدة والاستماع، بهذا الاتجاه، تعدّ أدوات أساسية لكشف أسرارالنفس وعلاج أمراضها، ويمكن عبرها النفوذ داخل عالم الطفل وتربيته تربية علمية صحيحة، وتدفعه باتجاه 
قد يبدع فيه مستقبلا، كما يقول الطيب الفقيه في كتابه أدب الخيال العلمي. وأهم قناتين لإيصال الثقافة العلمية للطفل هما قناة البيت وروافده، وقناة المدرسة. 
وقد قام بعض الباحثين، حسب الكاتب فاضل الكعبي، بتحليل قدرة القراءة وأهميتها وفاعليتها في نفسية الطفل، وحدّدوا (8) اختبارات لقياس قدرة القراءة عند الأطفال هي:
 
1 - تعرف المفردات
2 - تعرف الجمل
3 - تمييز الكلمات
4 - القدرة على فهم الجملة
5 - القدرة على فهم الفقرة 
6 - فهم التركيب اللغوي
7 - فهم معاني المفردات
9 - المعلومات العامة. 
وقد تم تقنين هذا الاختبار والتأكّد من سلامته، كمقياس يقيس القدرة على القراءة الصامتة، وأصبح ذلك وسيلة لمساعدة الطفل في مَلءِ البطاقة المكتبية، التي على ضوئها يمكن التعرف على مستوى قدرة الطفل على القراءة، وهل هو معوّق أم اعتيادي أم موهوب، فإذا أمكن تحديد مستوى الطفل، أمكن الأخذ بيد المعوق تدريجيا، ومعاونته على التقدم، وتقديم المادة التي تشبع حاجة القارئ الموهوب إلى التفكير التأمّلي، وتوجيه الطفل الاعتيادي إلى مجالات أخرى في القراءة، تعينه على إخصاب معرفته وتوسيع آفاقه، كما أنّ هذا يمكّن الباحثين من أن يحدّدوا العلاقة بين مستوى القراءة وميول الأطفال للمواد القرائية، ومستوى الذكاء والمستوى الاقتصادي والثقافي للأسرة. وقد استخدم (وليم جراي) من هذه الاختبارات التي أجراها الباحثون ثلاث مهارات أساسية تتضمنها القراءة الناضجة وهي:
 
1 - إدراك الكلمات لوحدها ذات معنى
2 - فهم معنى الفقرة
3 - الاستجابة لما نكتسبه من أفكار
ومن دراسة وتحليل هذه المهارات ومعانيها، سنصل إلى الغايات الأساسية التي تنتجها، وتولدها هذه المعاني من معارف 
وقيم ودلالات موضوعية، تضاف إلى الموروث الجمعي للفكر القارئ الذي ينشط في إطاره خلال عملية القراءة، وإدراك قيمة القراءة وغايتها للطفل يأتي من إدراكه أثر تلك القراءة في نفسيته وتفكيره، ويرى 
المهتمون بذلك، حسب الطيب الفقيه، أنّ سايكولوجية التعلم لدى الطفل ستتأثر بالسلب والإيجاب. 
فإذا كان البطل الذي يقرأ عنه سلبيا فإنّ أفعاله ستنعكس في نفسيته والعكس صحيح، لأنّ الطفل يتماهى مع بطله لذا يجب توجيه الطفل من قبل البيت والمدرسة على قراءة الأشياء العلمية الإيجابية ليبقى وعيه بناء تجاه نفسه وبيئته، لأنّ العلم كما تقول ماري فاشة يحقق ثلاثة أهداف: عقلية واجتماعية ونفسية. 
إنّه إشباع لنزعة حب الاستطلاع واستجابة لرغبة طبيعية لدى الإنسان لفهم العالم وظواهره والإنسان والمجتمع، وهو محاولة لاكتشاف الغامض واستجلاء المبهم أو هتك سرّ المحجوب والمجهول، لذلك يجب أن نضمن لأطفالنا ثقافة علمية رصينة لها أساسها في الواقع وتؤدي دورها السليم في التربية والتعلّم.