الحل الآن: فحص دوري للجميع

آراء 2020/04/20
...

عبدالزهرة زكي
 
في عمود سابق كنا قد أكدنا أهمية العمل على تهيئة إمكانات الفحص الدوري الشامل لجميع العراقيين، إذ كنا قد أكّدنا أيضا وجوب أن يستمر فحص أيّ مواطن دورياً كل 14 يوماً. هذا هو الخيار الصحيح في ظل عدم توصل البشرية حتى الآن للقاح مضاد لكوفيد - 19.
يوم الأحد 18 نيسان جاء في إحدى القنوات الفضائية خبرٌ من البصرة يشير إلى وصول باخرة تحمل للمحافظة ثمانية الآف جهاز فحص، وهو خبر مفاجئ مرّ بصمتٍ ينمّ عن جهل بقيمة هذا الجهد الكبير والمسؤول.
واقعاً وأنا أقرأ على شريط أخبار القناة هذا الخبر السعيد لم أقوَ على منع الشك في داخلي بدقة الرقم. حالياً ما زالت مشكلة توفر أجهزة الفحص بكفاية تامة مشكلة خطيرة بالنسبة لكثير من البلدان ومن بينها دول كبيرة. قبل كتابة هذا العمود اتصلت بمصدر رسمي في محافظة البصرة، مدينة طفولتي، أردت به الاطمئنان على صحة خبر وصول باخرة محمّلة بالأجهزة إلى موانئ المدينة، ثمّ التأكد من دقّة الرقم، فتلقيت تأكيداً على الحالين؛ الوصول، ودقة الرقم.
هذا رقم يستطيع فعلاً تأمين الفحص الدوري للجميع حتى بأقل من 14 يوماً لكل عراقي مقارنة بتعداد السكان. وسيكون هذا ممكنا حتما إذا ما توفرت مع هذه الأجهزة معدات أخرى لازمة للفحص ولعمل الأجهزة وإذا ما تم تأمين الملاك البشري القادر على التنفيذ، وكلاهما ليسا أصعب من إمكانية توفير الأجهزة نفسها التي جاءتنا بها بصرة الخير.
يؤكد المصدر الرسمي الذي اتصلت به أن الأجهزة للمحافظة حصراً، وأن وصولها نتاج جهد المسؤولين في المحافظة، وهو جهد وطني وإنساني ووظيفي يستحق الثناء والتقدير ويدعونا للتساؤل ولانتظار أن يوضح المسؤولون في محافظات أخرى وفي المركز وفي الإقليم ما فعلوه في هذا السياق خلال الشهرين الماضيين.
في الواقع فإنّ ثمانية آلاف جهاز فحص ستكون قادرة على تلبية حاجة ليست البصرة وحدها وإنما حتى عموم العراق. وفي الأقل ستستطيع البصرة، بهذا العدد، تأمين الفحص الدوري الشامل لجميع أبناء المحافظات الجنوبيّة.
نحتاج إلى عمل استثنائي يتجاوز البيروقراطية الحكومية في تهيئة الملاك البشري ليس للفحص وحده وإنما للفحص وفرقه الجوالة، وللمعالجة ومراقبة الحالات المشتبه بها والمؤكدة إصابتها وللمتعافين من المرض، وتهيئة الملاك القادر على تأمين الخدمات الطبية والخدمات في مجالات أخرى تحتاج إلى جهود بشرية منظمة وكبيرة إذا ما استمر هذا الحال. سيكون هذا ممكناً إذا ما عرفنا أن دوائر الدولة تغص بالبشر الفائضين عن حاجة الدوائر العاملين فيها، يمكن بعمل استثنائي بعيد عن البيروقراطية إجراء مناقلات لصالح وزارة الصحة ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية تدعم، بعد التأهيل بدورات سريعة، جهود الملاك الطبي والتمريضي والخدمي المطلوب تأمينه في هذا الظرف.
تحتاج وزارة الصحة إلى أعداد من خبراء أنظمة المعلومات لتتوفر على قواعد بيانات كاملة لجميع المواطنين، وللمصابين ولمن يتعافون من المرض، وذلك بهدف المتابعة الإلكترونية والمتابعة عبر الهاتف النقال التي عملت بها بعض الدول المتقدمة، وكل هذا سيساعد في التخفيف من الاضطرار لإجراءات الحجر ومنع التجوال وسيساعد في خلق إمكانات حكومية بمختلف المجالات لإدارة ناجحة لمحنة العيش مع كورونا.
لطف الأقدار بنا ساعدَنا، فلنساعد نحن أنفسنا.