تجارة الزهور.. رحلة توصيل لأربعة آلاف ميل

الصفحة الاخيرة 2020/04/23
...

ترجمة: ليندا أدور
 
 
 
قد يكون حب الزهور أمراً تافهاً وعبثياً، لكنه في الوقت ذاته، يعدُّ صناعة عالميَّة تقدر قيمتها بمليارات الدولارات. 
ففي الوقت الذي تهيمن فيه هولندا على هذه التجارة، تكتسبُ البلدان الواقعة على خط الاستواء أهميتها كمزارعين للزهور، فعلى مدى أكثر من مئتي سنة، كانت هولندا هي قلب تجارة الزهور المقطوعة ومنها بدأ أكبر مزاد عالمي للزهور. 
لمواكبة الطلب العالمي على الزهور، هناك سلسة إمداد معقدة ومتوازنة من عاملين ومزارعين وبائعي الجملة وشركات الطيران والشحن البحري وتجار وبائعي الزهور والمتاجر، إذ إنَّ شراء باقة زهور نقلت من قارة الى أخرى من دون أنْ تسحق أو تذبل يعدُّ عملاً تقنياً فذاً. تقول سيلفي مامياس، الأمين العام للاتحاد الدولي لتجارة الزهور، إنه يتوجب نقل الورود المقطوعة بسرعة باستخدام نظام "سلسلة التبريد"، التي تحافظ على الزهور بوضع السبات لتحتفظ بنضارتها، وهو ما يتيح النقل السريع من المزرعة الى المتجر في غضون 24 الى 48 ساعة، في حال نقلت بالطائرة، فعامل الوقت أمر بالغ الأهمية، فكل يوم يضاف لفترة نقل الزهور، يفقدها نحو 15 بالمئة من قيمتها. 
تعدُّ دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية من أكبر مشتري الزهور المقطوعة في العالم، لكنَّ أكبر مزارعيها ومصدريها هم هولندا والاكوادور وكولومبيا وكينيا وأثيوبيا، وانَّ أكثر الأزهار شعبية وانتشاراً هي الورد والقرنفل والأقحوان. ففي المملكة المتحدة، تأتي 80 بالمئة من الزهور المقطوعة عبر هولندا، بالرغم من أنَّ منشأ نسبة كبيرة منها هو في كينيا، والتي تصل المملكة عن طريق رحلات جوية مباشرة من نيروبي حيث تخصص مبانْ كاملة في مطارات معينة للزهور المصدرة.
تمتلك كينيا أهمية خاصة كونها مصدرا للورود، إذ تسهم بتوفير ثلث الزهور التي تباع في الاتحاد الأوروبي، وتحتل الزهور المقطوعة المرتبة الثانية لصادرات كينيا بعد الشاي، حيث تشكل ما نسبته واحد بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، فضلاً عن كونها أحد مصادر التوظيف في البلاد، إذ يصل عدد عمال صناعة الزهور بشكل مباشر الى 100 ألف شخص، بينما يعمل مليونا شخص آخرون بشكل غير مباشر.
تنتج مزرعة زهور تامبوزي بكينيا، نحو ثمانية ملايين زهرة سنوياً من خلال ثلاثة مواقع للزراعة على السفوح الممطرة لجبل كينيا ويبلغ مجموع مساحتها 22 هكتارا وتبعد نحو 180 كيلومتراً شمالي نيروبي، بارتفاع 1800 متر فوق سطح البحر، ويصل عدد البلدان التي تصدر لها 60 دولة من بينها المملكة المتحدة وهولندا وروسيا واستراليا والولايات المتحدة والصين.
حصاد الزهور في تامبوزي مستمر على مدار العام، اذ تغادر شاحنة محملة بالورود الموقع يومياً، بالرغم من أنَّ في أوقات الذروة، مثل عيد الأم، أو عيد الحب، أو يوم المرأة العالمي، أو عيد الفصح، يمكن لهذا العدد أنْ يتضاعف، وقد تستغرق هذه العملية بدءاً من الحصاد حتى وصولها الى الزبون في المملكة المتحدة ثلاثة الى أربعة أيام.
تسافر زهور تامبوزي لمسافة تزيد على 180 كيلومتراً براً وصولاً الى المطار، لتحمل بعد ذلك على متن طائرة بوينغ من طراز 747 التي يمكنها نقل 90 طناً من الأزهار. في حال كان الأسبوع بطيئاً، تغادر نحو 30 رحلة جويَّة محملة بالمسافرين مع مخزن الطائرة وقد امتلأ بالزهور بالكامل، لكن في الأيام التي تسبق عيد الحب، يرتفع هذه العدد ليصل الى 100. كان لادخال الرحلات الجوية المباشرة على مر السنوات، الأثر في إحداث تطور كبير في العلاقات التجارية بين البلدان كالولايات المتحدة والمملكة المتحدة والصين. 
 
*موقع بي بي سي البريطاني