جائزة {خليك بالبيت}

آراء 2020/04/28
...

نوزاد حسن
  شاهدت صديقا لي عائداً من السوق ومعه ابنته الصغيرة البالغة من العمر 3 سنوات. كان يمسك يدها اليمنى ويتحدث معها. حين اقترب مني سألته: لماذا أخذت ابنتك معك الى السوق هل هناك حاجة لهذا الخروج.؟ اجابني لا لكنها لا تدعني اذهب الا وترافقني. قلت: في مثل هذا الظرف الصعب، وفي ظل مرض مثل كورونا تأخذ ابنتك معك من دون ان تلبسها كمامة على الاقل. اجابني ببرود كبير. لا استطيع رفض طلبها. ولم اجد الا ان انبهه ان ذلك قد يكلفه كثيرا. وان علينا ان نحتاط جيدا.
 اظن ان هناك عدم تقدير للمشكلة التي نواجهها منذ تفشي هذا المرض بيننا. مشكلة لها اوجه عديدة. فهناك من يظن ان كورونا كذبة. وان هذا الفيروس لا وجود له. البعض يفكر بهذه الطريقة. لذا تراه لا يتحمس ابدا لاتخاذ اية احتياطات تبعده عن العدوى. هو متيقن ان كورونا لا وجود لها أبدا.
  هناك طرف آخر يعتقد ان المرض هو حالة عارضة وان الله موجود. وما دام الله موجودا فإنه لن يتعرض لمكروه. احدهم ابتسم حين ذكرت له كورونا. قال انا اقوى منه.
  أحد الباعة المتجولين سألته لم لا يرتدي الكمامة وهو يدور بين الازقة ويلتقي بعشرات الناس. اجابني بان الله موجود. قال لي: الله موجود وكأنّي اطلب منه دليلا على اثبات وجود الله. لذا انا لا اناقش مثل هذه الاجوبة لانها قد تتحول الى جدل بلا معنى.
  أحيانا أمازح ابني الصغير وانا اضحك معه انه يستحق جائزة "خليك بالبيت" لو قررت جهة ما ان تمنح جائزة افضل ملتزم بقرار حظر التجوال من الاطفال. سينالها ابني الصغير الذي لم يفتح باب البيت لينظر في الشارع منذ اعلان لحظة وجود كورونا. أبعد حدوده هي حديقة البيت الصغيرة. واحيانا يطل من بالكون الغرفة ليتحدث مع اصدقائه الذين كانوا يلعبون معه قبل ان تضع كورونا ضريبة على متع الاطفال وتحرمهم من مرحهم ولعبهم الصبياني.
  لمصلحة من هذه الاستهانة بكسر قرار حظر المنع الجزئي.؟ انا في واقع الامر أشاهد من يتسلّى بالهروب من المنزل. أحس ان الشارع بالنسبة للكثيرين هو فضاء حرية لا يوصف. يظن البعض أنهم يمارسون حريتهم الشخصية ان تحرروا من جدران البيت. وعلى هذا الاساس لا بدّ من زيادة الوعي باهمية البقاء في المنزل، وقد اكدت الصحة العالمية هذا المبدأ وهو ان يكون ما اخرج في سبيله هو شيء ضروري للغاية.
  البقاء في البيت ليس عقابا لاحد. لقد تعلم ولدي الصغير وحفظ هذا المبدأ الاهم وهو ان قهر كورونا يبدأ من احترام حياة الاخرين الذين لا يحق لي ان اسبب لهم اي ضرر كما لا يحق لاحد ان يسبب لي في المقابل ضررا ايضا.
  اذن لنقرر هذه الحقيقة البسيطة. كما لا تحب ان ينقل احدهم اليك الفيروس فكذلك احرص على عدم اصابتهم بعدوى انت سببها. ولعل ما يؤيد كل ما قلته هو دعوة وزارة الصحة وخلية الازمة باتخاذ التدابير الصحية الكاملة خارج المنزل. لان هذا الالتزام كفيل بتقليل عدد الاصابات..