د. كريم شغيدل
العالم كله يعيش أزمة الوباء وليس العراق وحده، وقد رافقتها تلقائياً أزمة اقتصادية عامة أيضاً، ولاعتماد اقتصادنا على واردات النفط الذي تشهد أسعاره هبوطاً متواصلاً، بعد أن تجاوز (70 دولاراً) قبل الجائحة، ولعجزنا على مدى (17 عاماً) عن إيجاد موارد رديفة، فضلاً عمَّا يطال صادرات النفط من عمليات تهريب وتلاعب، وهو ما ينعكس على معيشة المواطن واستقراره، عليه فإنّ الأمر مرهون بالإسراع بتشكيل الحكومة وإقرار الموازنة الحالية وتصفية حسابات الموازنة السابقة ومن ثم طمأنة المواطنين على معاشاتهم.
شهدت الآونة الأخيرة تصريحات من هنا وهناك تثير القلق بشأن الحالة الاقتصادية، فمنهم من أشار إلى حالة تدهور، ومنهم من أشار إلى عجز الحكومة مستقبلاً عن دفع رواتب الموظفين، ومنهم من أشار إلى استقطاعات أو ادخارات إجبارية تصل إلى 35 بالمئة، ومنهم من أشار إلى فروقات متبقية من الموازنة السابقة، ووسط ما سببته هذه التصريحات من مخاوف انبرت مواقع التواصل الاجتماعي إلى الحديث الذي أصبح مكرراً بشأن رواتب رفحاء ورواتب المتقاعدين من أعضاء مجلس الحكم إلى النواب والوزراء ومجالس المحافظات والمجالس البلدية وكل الفئات التي لم تتعدَ خدمتها بضعة أشهر أو أعوام، فضلاً عن الامتيازات والمنافع المبالغ بها التي يحصل عليها المسؤولون.
المواطن الذي يعيش حالة القلق والإرباك في حياته بسبب جائحة كورونا، يزداد قلقه بسبب ما يشعر به من تهديدات تطال معيشته، وإذا كان متفهماً للوضع ومستعداً للتضحية لتجاوز أزمتي الوباء والاقتصاد، فإنَّ الساسة في نظره هم الأولى بالتضحية ببعض امتيازاتهم المالية أو ما اكتسبوه خلال 17 عاماً) كما أن على الجهات المختصة أن تكون جادة في استرداد ما نهب من ثروة البلاد بعد مقاضاة كبار الفاسدين وأذنابهم، ومن ثم رفع يد الأحزاب ولجانها الاقتصادية من موازنات الوزارات والهيئات وعقودها واستثماراتها، وانتهاز الفرصة لتطوير بعض الصناعات ودعم القطاع الخاص والقطاع الزراعي ومنع استيراد السلع غير الضرورية، لتحقيق مستوى الاكتفاء الذاتي، حفاظاً على مدخرات البلاد من العملة الصعبة، وإيقاف عمليات غسيل الأموال.
على حكومة تصريف الأعمال أداء واجبها في طمأنة المواطن، وألا تسمح بإطلاق التصريحات المجانية المغرضة، وإن كانت ثمة إجراءات بخصوص رواتب الموظفين عليها أن تصارح شعبها بما سيكون، وأن تضعه في الصورة كي يهيئ نفسه لمواجهة الخلل، لقد صدر بيان مبتسر ينفي بعض التصريحات، لكنه لم يكن كافياً، لا سيما أن تأخر رواتب شهر نيسان عن موعدها أقلق المواطن وهو يواجه ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية بسبب إجراءات الوقاية من الوباء وحلول شهر رمضان المبارك.
ربما وجد المواطن البسيط الذي يعيش على كدِّه اليومي فرصة في تخفيف إجراءات الحظر، لكنها ليست كافية، فبعض الفئات تحتاج إلى دعم حقيقي لتواجه الظرف الاستثنائي، والموظفون يمتلكون شيئاً من الاستقرار بسبب تأمين رواتبهم، وعموماً يحتاج المواطن لمن يطمئنه على معيشته.