استدراك الثغرات

آراء 2020/05/01
...

د .صادق كاظم 
 
بعد ان قررت خلية الازمة الحكومية اتخاذ القرار برفع الحظر جزئيا لمواجهة تداعيات وباء كورونا واللجوء الى الخطة البديلة بعد ان اصبحت الاصابات بالوباء ضمن معدل ثابت وباتت تعطي مؤشرا ايجابيا على ان الوباء ضمن حدود السيطرة ورغم ان هذه المعدلات لا يمكن  الاطمئنان اليها باعتبار ان الوباء لا يمكن التنبؤ بخطورته او تمدده وانحساره.
اذ انه من الممكن ان ينحسر لفترة لكنه قد يعود بقوة وهي ادعاءات تسندها فرضية عدم وجود لقاح شاف تماما من هذا الوباء ,اذ ما زالت مختلف مراكز الابحاث العلمية المتقدمة في العالم تكافح من اجل التوصل  الى علاج لهذا الفيروس القاتل والخطير وربما يستغرق الامر عاما او 
اكثر .
تذبذب مستوى الاصابات وحالات الشفاء يفرض الاعتماد على الاساليب الوقائية الاكثر امنا التي تقوم على اساليب التباعد الاجتماعي الذكي من خلال تقليل التجمعات والازدحامات الى ادنى حد ممكن والالتزام بارتداء الكمامات الواقية والقفازات البلاستيكية وتجنب المصافحة او الازدحامات في الاماكن المكتظة وغيرها ,خصوصا ان منظمة الصحة العالمية قد حذرت مؤخرا من استمرار خطر الوباء ,خصوصا ان غالبية الدول في العالم لا تزال في المراحل الاولى من التصدي لفيروس كورونا، رغم انها بدات في تخفيف اجراءات الحظر والسماح بحركة محدودة 
للاشخاص . 
وللمحافظة على هذا المستوى الوقائي الفعال لا بد من تشديد الاجراءات الخاصة بتطبيق الحظر والالتزام بتعليمات السلامة وتجنب الثغرات القاتلة والخطيرة التي قد تتسبب بحصول الاصابات بالوباء والتي من بينها عدة ظواهر مؤسفة  ابرزها لا مبالاة المواطنين وتجاهلهم لتعليمات ارتداء الكمامات والقفازات الواقية واستعمال المطهرات والمعقمات حتى في خارج المنزل وتجنب الاماكن المغلقة والمزدحمة وارتياد الاسواق ومحال البقالة حتى في الحالات غير الضرورية, اضافة الى ضرورة تشديد اجراءات الحد من الحركة للمواطنين من قبل الاجهزة الامنية المكلفة بتطبيق اجراءات الحظر رغم انها سجلت اكثر من 30 الف مخالفة حتى الان وحجزت الاف المركبات وغيرها من باقي الاجراءات دون المستوى المطلوب من حيث ارتفاع مستوى التجمعات والحركة وعدم الالتزام بمعايير الحظر وخصوصا في المناطق الشعبية الاكثر اكتظاظا بحسب اراء المسؤولين في وزارة الصحة .ويتم ذلك من خلال تسيير دوريات امنية في المناطق التي تشهد مثل هذه التجمعات وبمعدلات تصل الى ساعتين او ثلاث مع امكانية الاستعانة بالطائرات المسيرة لرصد المخالفات واعلام الدوريات بها لكي يتسنى لها منع هذه التجمعات المخالفة وهي خطوة اخذت بها عدة دول في المنطقة مثل الاردن والمغرب 
والامارات .
من الملاحظ ان عدد الاصابات المعلنة هو في الواقع ليس الا للحالات التي تتطلب النقل الى المستشفى وليس للحالات التي يتم اكتشافها من خلال فحص الفرق الجوالة في المناطق او من خلال وجود اجهزة متنقلة للكشف توضع في الاماكن العامة وان الثغرة الكبرى التي تحدث انما تكون من خلال عدم الالتزام بالحجر الصحي الذاتي او الالتزام بذلك بشكل خاطئ ما يعرض العديد من المواطنين للعدوى بالفيروس، اضافة الى ذلك وجود بعض الاراء العلمية المطروحة التي تدعو الى اتباع عادات معينة لمواجهة الفيروس لم يثبت علميا انها صحيحة وهي تسمح بالتراخي ايضا في اجراءات الحظر بدعوى ان المناعة يمكن ان تتعزز عند اتباع هذه الطرق.
لقد اثبتت تجارب بعض الدول الناجحة في مواجهة فيروس كورونا بان اتباع سياسة البحث عن المصابين بدلا من انتظارهم هي الوسيلة الصحيحة لمكافحته وتقليص اعداد المصابين به من خلال تحليل عينات لالاف المواطنين، بالاضافة الى الفحص العشوائي للمسافرين وفي المتاجر والاسواق العامة ، فضلا عن  طرق ابواب المنازل لاخذ العينات.اضافة الى ان بعض الدول قد ركزت جهودها على حملة الفحوصات المكثفة والتي وصلت الى 100 الف تحليل في اليوم، كما حصل في المانيا التي قامت ايضا بعزل الاشخاص المصابين وتحديد مواقع الاشخاص الذين كانوا على تواصل مع المصابين عبر استخدام تكنولوجيا رصد الموقع , فضلا عن ان الانفاق الحكومي لم يقتصر على استقرار المنظومة الصحية بالمانيا، بل امتد كذلك لدعم الافراد الذين خسروا وظائفهم، او الشركات التي قللت من عدد ساعات العمل و بالتالي انخفضت رواتب العاملين فيها، فقد قررت الحكومة الالمانية دعم هذه الفئة من خلال (مكتب العمل بالنقص) والذي تقوم من خلاله بتعويض النقص في رواتب العمال، كما منعت طرد الاشخاص غير القادرين على دفع الايجار من محل سكنهم حتى نهاية شهر ايلول/ سبتمبر المقبل، كما تحملت الحكومة من خلال برنامج التامين الصحي جميع تكاليف التحاليل التي تبلغ قيمتها 200 يورو لكل مواطن وهو ما اسهم في اشاعة الاستقرار النفسي بين المواطنين وتزايد نسبة اقبال المواطنين على اجراء تلك التحاليل والمساهمة في السيطرة على الوباء وخفض معدلات
الاصابات .
ان الوعي وتقدير خطورة الوباء والتعاون مع الحكومة في اجراءاتها لمنع تفاقم وانتشار الوباء هي السبيل الامثل لتجنب حصول الخسائر المميتة وتخفيف الضغط على الملاكات الطبية والاجهزة الامنية وتخليص البلاد واهلها من شر هذا 
الوباء.