ما حدث في منطقة مكيشيفية فجر السبت الماضي يؤكد بما لا يقبل الشك انّ بقايا التنظيم الإرهابي المسمى "داعش" يحاولون إحياء هذا التنظيم من جديد، مستغلين الظروف الصحية التي يمر بها العالم بأسره وليس العراق فقط، وهذا ما تجلى بوضوح في تزامن هجماتهم على عدد من المواقع وأكثر من منطقة في توقيت متزامن يعكس هو الآخر بأن هذه الأعمال الإرهابية مخطط لها بشكل يجعلها تبرز إعلاميا وهو أحد الأهداف التي يسعى لها هذا التنظيم الإرهابي بين الحين والآخر، محاولين صناعة ما يمكن تسميته حدث إعلامي يعيدهم للواجهة الإعلامية التي غابوا عنها منذ هزيمتهم الكبيرة في حرب تحرير المدن العراقية التي أنهت بنسبة عالية جدا هذا التنظيم وما تبقى منهم فلول في خلايا نائمة يحاولون إيقاظها بين الحين والاخر.
هذه الهجمات تعكس الوجه الحقيقي للقوى الإرهابية والداعمين لهم خاصة وأن الجميع يعرف أن القوات الأمنية العراقية شأنها شأن كل القوات في العالم بأسره مشغولة بتطبيق الإجراءات الخاصة بجائحة كورونا من أجل حماية الناس من هذا الفيروس الذي يهدد العالم منذ أشهر عديدة، وعندما نجد "داعش" تستغل هذه الظروف فهذا يعني أن خطر هذا التنظيم أكثر من فيروس كورونا نفسه.
الجانب الآخر الذي ربما جعل هذا التنظيم الإرهابي يقوم بهجماته العدوانيّة هي الحالة السياسية للبلد وانشغال القوى السياسية بتشكيل الحكومة التي فشلت في مرتين سابقتين ولا تزال المفاوضات مستمرة لتمرير الحكومة الجديدة وهذه الحالة استغلتها التنظيمات الإرهابية في السنوات الماضية في مراحل تشكيل الحكومات والجميع يعرف أن ما جرى في احتلال الموصل حزيران 2014 كان في فترة المشاورات بين القوى السياسية لتشكيل الحكومة.
وهذا ما يؤكد أن الإرهاب يحاول استغلال التوقيت أكثر من استغلاله للمكان رغم أهمية الأخير لأن التوقيت بحد ذاته يجعل الكثير من ألأوراق تختلط مع بعضها البعض وهذا أحد أهداف التنظيم الإرهابي في محاولاته المتعددة ذات السيناريوهات المتشابهة.
لذا نجد من الضروري جدا أن يتم الإسراع بتشكيل الحكومة الجديدة ونيلها الثقة في البرلمان وأن تعي القوى السياسية العراقية أن التقاطع الحاصل فيما بينها حول المناصب الوزارية يبعث برسائل خاطئة للتنظيمات الإرهابية، وتحاول هي بدورها استغلال هذه التقاطعات من أجل تنفيذ أجندتها هنا وهناك من مدن وقصبات العراق.
ومن جانب آخر أن تدرك بشكل كبير القوات الأمنية وخلايا الاستخبارات أنّ الإرهاب له بقايا تحتاج لمتابعة من قبلنا جميعا وأن لا نترك لهم موطئ قدم مهما كان صغيرا خاصة في المناطق التي مازال لهم فيها فيروسات تنشط بين الحين والآخر محاولة العبث بأمن الوطن والمواطن، وأن تكون لدينا خطط محكمة في تنفيذ ضربات استباقية لهذه الفيروسات سواء في ديالى أو كركوك أو صلاح الدين وهي المناطق التي تتواجد فيها بقايا "داعش".