رمضان على مائدة البدري!!

الرياضة 2020/05/03
...

علي رياح
 
ذات يوم، سألت أستاذنا الكبير مؤيد البدري مَـتـّعه الباري عزّ وجل بالصحة والعافية، في برنامج رمضاني طويل: ما الذي يعلق في ذاكرتك من رمضان والطفولة ومحلتك الأثيرة (السفينة) في الأعظمية؟!
وكان الرد: عشت أيام طفولتي وصباي في منطقة الأعظمية وبالتحديد محلة السفينة وكنت أشكـّلُ مع إخوتي الأربعة وأولاد عمي السبعة مجموعة جميلة تقيم علاقات صداقة مع أبناء المنطقة ذات الطابع الشعبي المفعم بالحيويَّة، وكنا نؤلف فرق كرة قدم وطائرة وسلة وساحة وميدان وننظم بطولات طيلة أيام الشهر يشارك فيها أبناء الأحياء الأخرى.. ومن الصور الجميلة التي ما زالت عالقة في ذهني دَويّ مدافع الإفطار والذي كنا حين نسمعه نركض مسرعين إلى البيت لنتناول طعام الإفطار ولا أعتقد أنَّ مثل هذه الأجواء موجودة الآن!
والبدري مؤمن بأنَّ روحية ومباهج رمضان لن تتغير، حتى إذا جَـدّ جديد في الحياة وظروف الناس، إذ يؤمن بأنَّ معالم الشهر الفضيل لا يمكن أنْ تتغير، فهي علاقة أزليَّة بين الخالق والمخلوق، لكنَّ البشر قد تغيروا والحياة المادية الصعبة التي نحياها قد أضفت أجواءً جديدة على رمضان فضلاً عن صعوبة الاتصال المباشر بين الناس لكثرة المشاغل وتعقد الحياة ولا أعتقد أنَّ أيام الماضي ستعود.
وكان عندي سؤال يرافقني دوماً عن الصيام وهل يؤثر سلباً أم إيجاباً في الرياضي؟ ومن رأي الأستاذ البدري إنَّ الصيام يترك آثاراً إيجابيَّة على الرياضي، وبعيداً عن إثباتات الطب فقد تأكدت لديه هذه الحقيقة أثناء فترات سفره مع الفرق الوطنية، إذ كان يخشى على اللاعب الصائم من كثرة المران واللعب وكان يقلقه أمر الفائدة البدنية التي كان يعتقد أنها ستصب لصالح خصومنا، لكنَّ المباريات كانت تثبت عكس ذلك، بل إنَّ الأطباء يؤكدون أهمية تقليل تناول الطعام فضلاً عن ذلك فإنَّ الصيام يسهمُ في تخفيض الوزن.
وفي الشهر الفضيل كنت أحاول أنْ أنتزع منه الاعترافات على نحو ودي، فسألته عمّا إذا كان يميز بين لاعب وآخر، لا سيما أنه كان ميّالاً لبعض النجوم؟ ويرد البدري بلهجته المحببة: كل الرياضيين إخوتي وأصدقائي وأنا لم أتعامل معهم بطابع التكبر يوماً، وخذ على سبيل المثال أنني كنت في بطولة كأس العالم في المكسيك رئيساً للوفد العراقي إلا أنني كنت أحضر مائدة الإفطار وأشرف عليها، والحمد لله لم يكن هناك لاعب من أقربائي، لكنني كنت أسمع شائعات عن ميلي نحو حسين سعيد وأنا أقولها بصراحة إنني كتربوي كنت أهتم بالمــواهب الــلامعة ومنها حسين سعيد لكني في ذات الوقت كنت منصفاً مع الجميع.
وبعد محاورات رمضانيَّة طويلة ومتشعبة، ختمت بسؤال عن الأمنية التي لم تتحقق للبدري في عالم الرياضة، فردّ بنبرة حزينة: ما لم يتحقق بعد هو الحصول على ميدالية ذهبيَّة في الأولمبياد، لا سيما أنَّ خزينة العراق لا توجد فيها سوى ميدالية برونزية أحرزها المرحوم عبد الواحد عزيز.. أتمنى أنْ نعيش أو يعيش أبناؤنا ليروا مثل هذا الحدث 
التاريخي المهم!!