ارتفاع معدل الهجمات التي يقوم بها تنظيم داعش الارهابي مؤخرا، يؤكد ضرورة تبني استراتيجية جديدة معاكسة للاستراتيجية التقليدية الثابتة المتبعة منذ عام2017 ، والانتقال الى مرحلة العمليات النوعية التي تقوم على مهاجمة مواقع ومقرات بقايا تنظيم داعش في المناطق والوديان الوعرة والصحارى الواسعة التي يختبئ بداخلها اعضاء التنظيم الارهابي . صحيح ان الجهد الاستخباري الوطني نجح في اختراق العديد من الخلايا الارهابية النائمة، ومراقبة مناطق تواجد اعضاء التنظيم من الارهابيين الخطرين، ما سمح باجهاض العديد من عمليات التفجير بواسطة السيارات المفخخة، وكشف المخابئ والمضافات، إلا ان تلك العمليات لم تصل بعد الى مستوى القضاء على تلك الزمر الارهابية بالكامل .
هناك مناطق خطيرة مؤشرة لدى قيادة القوات الامنية المشتركة، التي تعد ملاذات لعصابات داعش، تمتد من مناطق جبال حمرين وخانقين شرق ديالى وصلاح الدين، وصولا الى المناطق المتاخمة لكركوك، وكذلك المناطق الصحراوية المحاذية للموصل من جهتي الجنوب والغرب ,فضلا عن المناطق الصحراوية الشاسعة غرب محافظة الانبار، وهي تعد بؤرا خطيرة واماكن لتجمع وشن الهجمات . من الواضح ان عناصر تنظيم داعش، وبعد هزائمها في معارك التحرير الكبرى، تحاول لملمة شراذمها واثبات وجودها، خصوصا بعد هزائمها الثقيلة على يد ابطال قواتنا الامنية من خلال معارك التحرير الخالدة التي تم فيها استخدام اسلوب الكثافة النارية الضخمة والقطعات باعداد كبيرة من اجل السيطرة على الاهداف والمناطق المحتلة وتحريرها، فضلا عن استخدام سلاح الطيران بكفاءة عالية في تدمير الاهداف المتحركة والثابتة، التي منعت عناصر تنظيم داعش من استخدام اسلوب المفخخات المدرعة والانغماسيين مما عجل بهزيمتهم واندحارهم .
المرحلة المقبلة تتطلب من قيادات الفرق العسكرية والحشد الشعبي، القيام بعمليات تعقب واقتحام لمخابئ عناصر التنظيم في المناطق الوعرة والمعقدة التي تلوذ بها تلك العناصر الاجرامية، وذلك باستخدام سلاح الطيران والمروحيات، وكذلك استخدام القوات الخاصة للقيام بعمليات انزال في تلك المناطق، وادامة الاتصال مع القوات البرية المتقدمة نحوها، وتطويق تلك العناصر وملاحقتها والقضاء عليها . الاستراتيجية التي استخدمت في الحرب على داعش، اعتمدت على اسلوب (القضم المرحلي)، أي التركيز على طرد داعش من المدن والمناطق التي سيطر عليها، من دون القضاء التام على عناصر داعش الهاربة منها، من خلال ادامة زخم استمرار اعمال المطاردة والتطهير بشكل تام ونهائي، وقد سجل ذلك خللا كان من الممكن تفاديه وقتها، لو اصرت قيادة العمليات المشتركة على استئناف اعمال المطاردة والتطهير التي تاخرت كثيرا قبل ان تستأنف بعد عدة اشهر، من دون ان تحقق نتائج ميدانية مؤثرة، إذ كان القضاء على داعش في وقتها سيجنب البلاد وقواتنا الامنية اية عمليات استنزاف، كان من الواضح ان تنظيم داعش الارهابي سيلجأ اليها من اجل اعاقة عمليات حفظ الامن والاستقرار في المناطق المحررة، حيث لا يزال هؤلاء الارهابيون ينتشرون في مساحات صحراوية شاسعة مليئة بالوديان، أو في مناطق جبلية وعرة، إذ اثبتت اعمال المطاردة والملاحقة الحاجة الى قوات خاصة مدربة على عمليات الكوماندوز من حيث مرونة الحركة، وذات تدريب عال يجعلها قادرة على القيام بعمليات خاطفة وسريعة، وبالتاكيد فإن هناك قوات امنية عراقية كالقوات الخاصة وجهاز مكافحة الارهاب، مؤهلة للقيام بمثل هذه العمليات، ومن دون ذلك سيستمر التهديد
الارهابي .
ومن الواضح ان الرصد الاستخباري الميداني او الاستطلاعي بواسطة اجهزة المراقبة والطائرات، من اجل مسح ومراقبة ورصد المناطق الصحراوية الواسعة التي تتجمع فيها عناصر التنظيم، تعد من الوسائل الضرورية والمهمة المطلوبة لملاحقة وكشف الهجمات التي يحاول عناصر التنظيم الارهابي الاجرامي القيام بها ,اذ انه يتبع وسائل المخادعة والتحرك بسرية، وخصوصا في الظلام، من اجل ستر تحركاته وضمان عدم كشفها، مما يفرض اتباع تكتيكات واساليب جديدة تتلاءم مع هذا الاسلوب، لغرض احباط هجمات التنظيم وافشالها، اضافة الى الاستفادة من عمليات التنسيق مع التحالف الدولي ومراكز العمليات المشتركة مع العديد من الدول المعنية بمكافحة الارهاب، وتبادل المعلومات الاستخبارية معها والاستفادة من التقنيات المتقدمة وتوظيفها بالشكل
الصحيح