تمثال العامل

ثقافة 2020/05/07
...

حبيب السامر
 

في الليلِ
لا يبرحُ مكانَه
وفي النهارِ يلقونَ التحية ويمضون.
ينظرُ بعينينٍ ثابتتين للمارةِ
حين يمُّر احد أفراد عائلتهِ ، تنزلُ دمعته
تزيحُ غباراتِ زمنٍ طويل
حينَ تركَهم في نهار.
ظَّل في مكانهِ سنوات
تحت الشمس، تحتَ المطر
الريحُ تعصفُ، غيرُ آبهٍ
حينَ يمر ابنه
تتحرّك أصابعهُ،
وزوجتهُ التي ما فارقت السوادَ
مذْ أنْ تحوّل.....
هي تمر كل يومٍ
لتلقي التحيةَ
أو تكتفي بنظرةٍ أحياناً
وسط الزحمةِ والضجيجِ
في ساحة (أم البروم).
الابنُ الأكبرُ، يقفُ أمامَ أبيهِ طويلاً
يسردُ عليهِ:
إنَّ الحالة تزدادُ قتامةً
لم يعدْ كما عهدتهُ يا أبي
بيتنا، فقدانك
وحتى ضحكاتنا لم تجد لها حيّزاً في البيتِ،
لا يبرحُ مكانهُ، ينصتُ
في يديهِ مطرقةٌ سوداءُ
لحقب تمضي
والعاملُ في امّ البرومِ واقف
البدلةُ سوداءُ
السياراتُ سود
كل الأشياءِ سود
حتى ضجيج الساحةِ صارَ اسودَ
والعاملُ لا يترجّلُ عن صخرةِ التمثال،
لا يغادرُها
راسخٌ جداً،
فيما الناس يمرّونَ
وهْو واقفٌ في مكانهِ.