عبدالزهرة محمد الهنداوي
يُعدُّ شهر رمضان المبارك ربيع الدراما العربيَّة، وتأخذ الاستعدادات لهذا الربيع مساحة زمنية تستغرق عدة أشهر، إذ تتنافس القنوات الفضائية بشدة من أجل الاستحواذ على اكبر مساحة من المشاهدين، وهي بهذا تسعى الى الحصول على الحصة الأكبر من الإعلانات الدسمة، ولكنْ يبدو أنَّ رمضان هذا العام جاء فقيراً بالأعمال الدراميَّة بسبب جائحة كورونا التي أوقفت تنفيذ الكثير من المسلسلات التي كان مقرراً عرضها في هذا الموسم، لذلك لجأت الفضائيات الى إنتاج أعمال فضفاضة من تلك التي يتم تصويرها داخلياً وبأقل الإمكانات، بينما اجترّت قنوات أخرى أعمالاً سبق أنْ تم إنتاجها في أعوام سابقة، ولكنها لم تُعرض لأنها ركيكة أو لأسباب أخرى، ومما يُؤسف له إنَّ بعض القنوات "العراقيَّة" وفي زحمة المنافسة والصراع على الصدارة الإعلانية، أو لأنها تحمل أجندات استهدافية
معينة!
فاجأتنا بعرض أعمال مسيئة جداً لمكونات اجتماعية أو للعشائر العراقية والنيل من المنظومة القيميَّة للمجتمع، بينما جاءت أعمال أخرى، وهي تعج بالابتذال، سواء كان ذلك بالتلميح والإيحاء أم بالتصريح، وثالثة حملت الكثير من الإسفاف والإجحاف، وفي خضم هذا التخبط الدرامي ما زالت الدراما المصريَّة والتحقت بها الآن الدراما الكويتية هي المهيمنة على المشهد، في حين كان بإمكان الدراما العراقية لو أتيحت لها الفرصة أنْ تتسيد الساحة العربية. فمع استثناءات هنا وهناك، فإنَّ أغلب الأعمال العراقية الرمضانية جاءت إما بلا هدف، أو مهلهلة بلا لون ولا طعم ولا
رائحة!
يحدث هذا والعراق يزخر بالكثير من القصص غير التقليدية وفي جميع المجالات الحياتية، لعلَّ في مقدمتها تلك البطولات التي سطرّها الأبطال من أبناء جيشنا وحشدنا وقواتنا الأمنية الأخرى وما قدموه من قصص أسطوريَّة ربما يحسدنا عليها المخرجون والمنتجون في البلدان الأخرى، لو أحسنّا التعامل معها واستثمرناها لأصبحنا منتجين ومصدرّين للدراما العراقيَّة، وبالإمكان أنْ تكون مصدراً اقتصادياً لا بأس
به.
وهنا أقول، إنَّ الظروف مهيأة والفرصة مؤاتية لشبكة الإعلام العراقي لأنْ تدخل بقوة لإنتاج المزيد من الأعمال الدراميَّة عالية المستوى، وتفعيل مبادرة دعم الدراما التي تم الإعلان عنها عام ٢٠١٨ بين الشبكة والبنك المركزي العراقي، ورابطة المصارف الخاصة العراقيَّة، والتي أعلنوا في حينها إنتاح ثلاثة أعمال درامية، فنحن بحاجة ماسة اليوم لمن ينقذ الدراما العراقيَّة مما وصلت إليه من تردٍ كبير، وهذه الدعوة تشمل كتّاب الدراما، والمخرجين والإعلاميين والفنانين، ومن المؤكد إنَّ شبكة الإعلام العراقي بإدارتها الشبابيَّة قد وضعت في حساباتها مثل هذا التوجه الدرامي.