السياسة والثقافة الضرورة والمؤسفات
آراء
2020/05/08
+A
-A
خليل الطيار
المؤسف الاول، منذ العام ٢٠٠٣ والاسباب مختلفة تراجع هذا المنظور ليتحول المثقف العراقي ولعدة اسباب ابرزها إهمال (السياسي) لدوره ليتحول من متحرر رأي ومنجز إثرائي ، الى مُصرِّح رأي ومقتفي اثر، ومتخندق خلف واجهة محددة، وبالنتيجة خسرنا دوره التنويري وأضعنا فرصة أن يكون عنصراً فاعلاً في بناء وترصين هوية الانسان العراقي الوطنية. المثقف بغض النظر عن بطاقته التعريفية الشخصية وانتماءاته ومرجعياته قادر على أن يتحرك بقوة تحت شعار هوية المواطنة الموحدة ويكسر حواجز الابعاد الطائفية والمذهبية والسياسية ليحلق في رحاب المجس الانساني فينتج معرفة مسببة للتغيير والاصلاح بلا مقيدات انتمائية ويتجاوز مسافات الحواجز والمقيدات السياسية وبذلك يتعاظم دوره وتكبر مسؤولياته اتجاه المواطن والوطن.والمؤسف الثاني ان القوى السياسية لم تستوعب قيمة واهمية وزارة الثقافة كاحد ابرز روافد الاستثمار، وراحت تهمشها وتعدها ترفاً غير ذي جدوى فنرى عزوفاً عن الاهتمام بهذه الوزارة وتترك لها اقل نسب مالية في الموازنات السنوية، وتهمل فيها اعتبارات مكانة وقيمة وحقوق المثقفين ودورهم في تعضيد وتقويم مسار العملية السياسية التي يشكلون فيها رافداً فاعلاً في اثراء مساحة النقد والجدل المعرفي، لو اتيحت للمثقفين الفرصة ليمارسوا دورهم الفاعل والمؤثر في المجتمع.
المؤسف الثالث يتجلى بأن اغلب المخاضات العسيرة لولادات الحكومات المتعاقبة كانت القوى السياسية فيها تبتعد عن التفكير الجاد في ان تختار وزارة الثقافة كمشروع لبرنامجها الاصلاحي والتنموي وتعدها قضية ثانوية خاسرة في مفهوم الفساد والإفساد السياسي السائد .
اعمار الانسان واثراء مساحته المعرفية ثقافيًا احدى نقاط رقي الدول المتحضرة والمزدهرة و صمام الأمان لمنظومة الدولة للتعامل والتحرك وسط شعب وجيل واع متبصر يلتصق بجذوره القيمية والتاريخية والحضارية والتراثية، ويعمل على ان يدافع عن قضاياه دفاعاً وجودياً يخلو من العبث والفوضى. ان الدولة بحكومتها وسلطاتها التشريعية والتنفيذية في ظل ما تواجهه من تحديات جسيمة ينبغي ان تتحمل مسؤولية اعادة النظر بضرورات إنعاش الحياة الثقافية والاهتمام الخاص بالمثقف ودعم مشروعه المعرفي، وخلاف ذلك ستفقد المنظومة السياسية احد ابرز مرتكزات نجاحها في عملية تحقيق البناء والاعمار والازدهار في العراق .