زهير كاظم عبود
الفترة التي سبقت التصويت بمنح الثقة لحكومة السيد مصطفى الكاظمي كانت فترة حرجة وصعبة ، فقد سبقها إخفاق عدد من الأسماء في نيل الثقة لقيادة الحكومة ، ولسنا بصدد بحث الأسباب ، فقد انتهت الفترة القلقة التي عاشها العراق في ظل حكومة مستقيلة ، واجهت أبناء الشعب وتصدت للمواطنين المدنيين بوسائل قمعية راح ضحيتها المئات من الشباب ، كما تراجعت كل قدرات البلاد الاقتصادية والاجتماعية ، ومن دون ان تقدم موقفاً واحداً يدلل على جديتها في محاربة الفساد وتحسين الأوضاع الاقتصادية للناس .
اليوم أصبحنا أمام حكومة قدمت منهاجها الوزاري ، وصرحت بأنها ستحاول أن تدير دفة البلاد بما يصحح الأوضاع ، ويواجه الإشكالات السياسية والاقتصادية ويؤمن متطلبات العراقيين في ظل أوضاع اقتصادية عسيرة وغاية في الصعوبة .
خلال الفترة الماضية طالبت حركة الاحتجاج السلمي بأن تتحمل الحكومة مسألة إجراء انتخابات مبكرة ، وهذا الأمر يتطلب أن تقوم السلطة التشريعية بإصدار القانون الانتخابي ، حتى يمكن للحكومة أن تدعم مفوضية الانتخابات التي تستوجب أن لا يكون بينها حزبي او مرتبط بجهة سياسية معينة ، وان يتم الالتفات الى كل الإشكاليات السلبية التي رافقت الانتخابات السابقة لتلافيها ، وان تسعى الحكومة بكل وسائلها المتاحة لضمان الشفافية والنزاهة في التنافس الانتخابي وفرز الأصوات .
ولأن حركة الاحتجاج السلمي قدمت العديد من الشهداء يتوجب على الحكومة المباشرة بشكل جدي ومخلص للتحقيق في الجرائم الجنائية التي مورست بحق المتظاهرين ، وان تتم احالة ملفات التحقيق الى هيئة قضائية تتشكل من عدد من القضاة لانجاز ملفات التحقيق بالسرعة الممكنة ، وان يشمل التحقيق كل الشخصيات المتورطة.
ونحن اليوم نعيش أزمة جائحة كورونا ، وهذه المحنة تتطلب من الشعب الوعي والتقيد بالتعليمات والالتزام بقرارات الحكومة ، وان تلتفت الحكومة الى القطاع الصحي ومعالجة حالات النقص في الأجهزة التي تعاني منها مؤسساتنا الصحية ، وان تطلب من المجتمع الدولي مساعدتها ومساندتها لتجاوز هذه المحنة .
ولاشك ان حصر السلاح بيد الدولة نص دستوري يلزم التمسك به ، ويعين الحكومة على قيادة البلاد وتوفير الأمن ، وأن تكون الفصائل المسلحة تحت قيادة القوات المسلحة وأجهزة الأمن ، ودون ذلك فالأمر يفضي الى مواجهة الدستور والحكومة والشعب ، ما يستوجب على كل فصيل مهما كان اسمه أن يعي هذه الحقيقة التي تعين العراق أن يأخذ مساره في بناء دولة القانون ، و القانون العراقي يمنع ذلك وتستوجب القوانين منع هذه الفصائل ومواجهتها .
وندرك جميعاً أن مجلس النواب حين منح الثقة لحكومة السيد الكاظمي ، فقد حملها مسؤولية كبيرة وثقلاً كبيراً من الإشكالات ، ونجد أن الحوار مع حركة الاحتجاج السلمي والشخصيات الاقتصادية والسعي لتشجيع القطاع الخاص هما الطريق والسبيل الوحيد للتخفيف من كاهل الحمل الثقيل للحكومة .
أبناء المناطق التي تم تدميرها من داعش ، واخوتنا الذين تم تهجيرهم ووضعهم داخل مخيمات لا تقي من البرد ولا تحمي من الحر ولا يمكن أن تكون بديلا لبيوتهم بحاجة ماسة لرعاية ومعاونة للعودة الى بيوتهم وقراهم وأعمالهم ومدارسهم ، وهذا الأمر منوط بمساعدة وجدانية من كل من يجد ان يسهم الى جانب الحكومة في إنهاء هذا الملف ، وأصحاب رؤوس الأموال والشخصيات المتمكنة ماديا في هذا البلد المعطاء مدعوون لهذا الموقف الوطني .
ان اعتماد العراق على النفط بشكل أساس أمر لا يقبله العقل ويرفضه المنطق ، لذا على الحكومة أن تلتفت الى القطاع الزراعي والصناعي والسياحي ، وان تحمي الإنتاج الزراعي العراقي وتشجع الصناعة الوطنية بالوسائل التي تتمكن منها مع اننا ندرك جيدا أننا نعيش في ظل دولة ينخرها الفساد ، لهذا فان كان الجميع دون استثناء يطالب باجتثاث الفساد وملاحقة الفاسدين ، فاننا بحاجة ملحة لقوانين وقرارات رادعة ، ومستعجلة تلاحق الفاسد وتطبق بحقه أقسى العقوبات في ظل أوضاع عسيرة وصعبة يمر بها البلد ، وان نلمس جدية القضاء والحكومة في انهاء أو محاصرة هذا الملف .
كما اننا دولة تريد ان تعيش بسلام وبحاجة للأمن الذي غاب عن حياتنا ، ولذلك علينا أن نمنع التدخل الخارجي في شؤوننا الداخلية ،وان ننأى عن ان نكون طرفا في أي صراع أو إشكال دولي ، فلسنا بحاجة لأن نضع أنفسنا جسورا لعبور الآخرين ، فالعراقي اليوم تواق للسلام وبناء البلاد التي خربتها الحروب
والإرهاب .
ندرك جميعا ضرورة احترام القضاء والتعليم وقطاع الصحة ، و نرفض أي اعتداء او موقف ضد كل مؤسسات الدولة ، وان القانون يجرم كل اعتداء مهما صغر او كبر ، لذا يتوجب علينا أن نتعاون يدا بيد ومع الحكومة التي سنحسن الظن بها في ظروفنا العسيرة ، وسنبقى ننتظر تحقيق الوعود التي طرحها السيد رئيس الوزراء ، مع إننا ندرك صعوبة المرحلة وحجم الوعود التي تراكمت على ظهر هذا الرجل الذي تقدم ليؤدي دور الفدائي ، ان نجح ولو ببعض ما جاء في المنهاج الوزاري واخفق في الباقي فانه سيسجل اسمه بين القادة الذين يحترمهم الشعب العراقي ، وأن ندرك جميعا بأن الرجل لا يملك العصا السحرية في تذليل الصعاب والمشكلات التي يعاني منها البلد ، و نتأمل جميعاً شعبا وحكومة ووزراء بأن هذا العراق هو نحن جميعا ، علينا ان نتهيأ لمرحلة قادمة ونتوسم فيها ان الشعب سينتصر وسيعود العراق بهياً
معافى