حسن جوان
كانت تجربة البتكوين اللانقدية عبارة عن مقدمة فكرية لتقبّل أو اختبار نقل النظام النقدي الورقي بشكله الرمزي الحالي الى نظام قيمي افتراضي.
هذا الاختبار أعاد الى الاذهان فكرة تحوّل القيم العينية للتبادل النقدي من المعدن الذهبي والفضي اللذين قد يحتويان على قيمة ذاتية الى قيمة رمزية ورقية لا تحمل قيمة بحد ذاتها، إلّا باعتبارها اتفاقاً عالمياً أجاز تعويض العين بالرمز بل اعتمده كفكرة كانت شبه خيالية
في بداياتها.
ان تعويض ما هو عيني صمد لعشرات القرون مثل الذهب واستبعاده نحو الادخار تمهيداً لطرح اداة رمزية اكثر تجزيئاً تحل محله متمثلة بالعملة الورقية أدى الى سيادة هذه الأخيرة في غالب التداولات بعد ان أصبحت لها تنافسات وأسواق عالمية شرسة اكسبتها قوة معيارية تم التواطؤ او الاتفاق عليها
كقيمة فعلية.
امتلاك الصين اكبر احتياطي نقدي خارج الولايات المتحدة الاميركية ممثلا بالدولار، تعدّه الأخيرة تهديداً كبيراً لاقتصادها المصاب بالتضخم بنسبة
متصاعدة.
هي الان تبحث في المدى القريب عن فرصة استرجاع هذا النقد بشتى الطرق التجارية أو عبر فرض عقوبات جزائية وتعويضات من خلال القاء اللوم عليها في انتشار وباء كورونا الفادح الخسائر ماديا
وبشرياً.
سوف تمضي قدما هذه الإدارة التي يقودها ترمب وفريقه المتحامل مسبقاً على استحواذ الصين على الأسواق العالمية دون الاعتراف باشكالية قانون حقوق الملكية الفكرية بحسب التفسير الأميركي له، سوف يمضي هؤلاء بفكرة ادانة الصين وتصعيد الصراع معها رغم فشلهم في اقناع المؤسسات الصحية العالمية بقضية اصل الفيروس وظروف خلقه او تخليقه، لا سيما بعد تقارير لجان ودوائر الاستخبارات التي عضّدت بيانات منظمة الصحة العالمية بثبوت طبيعيّة انوجاد هذا الفيروس وعدم تخليقه بشرياً او تسريبه من مختبرات بسبب
خطأ بشري.
نغمة العداء لم تختف الان وانما تعدلت نحو منطق التقصير بإبلاغ العالم او إخفاء حقائق واحصاءات أضرّت في النتيجة بتقديرات إدارات العالم الصحية لحجم الخسائر الكارثية والوبائية لهذه الجائحة. وهذا التنوع في تعديل نوع العداء سوف يستمر الى ان تتحقق ما تطمح هذه الإدارة في تحقيقه خلال الأشهر المقبلة بعد السيطرة على الوباء وتداعيات تعطيله عجلة الاقتصاد العالمي بشكل غير مسبوق.