وانا استمع الى كلمة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في البرلمان بعد التصويت على كابينته الحكومية تذكرت فيلما قصيرا من اخراج المخرج الايراني مجيد مجيدي,تدور احداث الفلم في قرية صغيرة نائية.بطل الفيلم طفل صغير تتعرض والدته الى مرض خطير ولا يجد الاب المال الكافي لعلاج زوجته.يفكر الاب بالسفر الى صديق ليستدين منه المال.ويطلب من ابنه وابنته الصغيرين الاهتمام بامور البيت.يغادر الاب القرية ويتاخر في المجيء.وفي هذا الوقت تعاني الام نوبات الم تقلق الطفلين.فجأة يجد الطفل محسن حلا لمشكلته حين شاهد معلمه تسلم رسالة حملها اليه ساعي البريد.فكر محسن في كتابة رسالة كالتي تسلمها معلمه لكنه سيقوم بارسال رسالته الى الله.وفعلا ذهب لشراء ظرف وطابع واكمل كتابة الرسالة باسلوب بسيط وعفوي فيه مناجاة لله.اغلق ظرف الرسالة وذهب الى صندوق الرسائل الموجود في بداية القرية,ووضع رسالته فيه.وبدأ بانتظار وصول جواب من ساعي البريد.كان محسن يقف هناك وحيدا وينظر الى الشارع الطويل لعل ردا يصله لكن من دون جدوى. في النهاية تصل رسالته لكن ليس الى الله بل الى مركز البريد الرئيس. وتقع الرسالة بيد احدى الموظفات التي تستغرب من عدم وجود عنوان على الظرف. فتحت الظرف فاذا بالرسالة البسيطة تهز كيان هذه الموظفة وتبدأ بالبكاء. ينتبه الزملاء من حولها فيتساءلون عن سبب هذا البكاء فيتضح كل شيء.وهنا يتدخل الموظفون فيجمعون المال ويرسلون سيارة اسعاف لنقل ام محسن الى المستشفى. هذه المقدمة ضرورية جدا لسبب بسيط وهو انني حين شاهدت الفيلم القصير اكتشفت انني اشبه هذا الطفل الصغير الذي يناجي الله برسالة.
لا اريد الان الحديث عن نوعية الرسائل التي ارسلها الى ربي لكني اريد الحديث عن سبب تذكري لذلك الفيلم بعد استماعي لحدث مصطفى الكاظمي المتعلق ببرنامج حكومته المؤقتة. اظن ان رسائلنا كمواطنين وصلت اسرع من رسالة محسن. ليس هذا فقط فجميع من تسلم رئاسة الوزراء لديه علم كاف بجميع ما نعانيه من مشكلات سياسية وهي تحتاج الى معالجات حقيقية,واذا اضفنا جائحة كورونا فسنكون امام حدث جديد.
كانت كلمة الكاظمي واضحة وصريحة.فحين اشار الى ان حكومته ستكون حكومة حل وليست حكومة ازمات,فكأن الكاظمي يرسل هو ايضا رسالة الى جميع القوى السياسية بان عليهم ان يتعاونوا معه للخروج من دائرة هذا الوضع السياسي المعقد.ذلك لان ما يمر به البلد لا يحتمل اي نزاع او خصومة تكون نتائجها مزيدا من الخسائر. لا بد من الاشارة الى ان زيارة رئيس الوزراء لدائرة التقاعد,واعادة الفريق عبد الوهاب الساعدي الى قيادة جهاز مكافحة الارهاب,واطلاق سراح المعتقلين من المتظاهرين كل هذه القرارات تركت عند الناس انطباعا جيدا لكن يبقى هناك ذلك الترقب والشك الفرنسي الذي صرنا نتميز به. انا انتظر كغيري من العراقيين وقت تنفيذ البرنامج الحكومي بلهفة لا تختلف عن لهفة وقلق الطفل محسن وهو يقف باحثا عن بارقة امل.هو انتظار سياسي كما اظن.