د. سامي المظفر
– فزت ورب الكعبة / تعبير بليغ عن الموت
- علي بن ابي طالب الشجاع الذي نزعت به الشاعرية الانسانية منزع الحقيقة ومنزع التخيل - عباس العقاد -
بنيت يا سيدي قاعدة فكرية لا تؤمن بالتشفي والانتقام والقضاء على الاخرين .. وكنت حريصاً على اموال المسلمين ولم تصرفها الا في حقها ، فلم تسرف في اطعام ضيوفك ، بل تطعمهم من طعامك الخشن و تميزت بقوة ملاحظة نادرة، ثمّ بذاكرة واعية تخزن وتتّسع.... وكنت حليماً وشجاعاً وواسع الامل
سيدي في سيرتك تظهر شخصية نادرة رائدة تتمثل فيها اسمى واشرف ما بلغتــه الانسانية يحبها المتدينون والملحدون والمسلمون بجميع مذاهبهم والمسيحيـــــــون بطوائفهم المتنوعة والصابئة والهندوس وغيرهم .وما ضحيت من اجله يا سيدي ان تستل من القلوب احقادها لتملأها حكمة وحباً ورحمة فتيسرت لك من ذلك جميعاً عناصر قوية تغذّي فكرك، وتقوّي خيالك.علمتنا يا سيدي ان الشر لا يولد الا صبراً وان النجوم تلمع في الظلام و صغار النجوم تشع ضياء و تختفي كلها عند شروق الشمس ... وعلمتنا الشجاعة والادب واللغة والفروسية والرقة والقوة والشخصية التي تنتهي فيها الشخصيات ... وان نيران الاحزان لا يسكن اضطرابها ولا يهدأ اعتلاجها الا بالعبرات وليس بالنكايات والتبعثر بالكلمات ,وعلمتنا يا سيدي ان ننزل الى عمق المجتمع الانساني لنكف عادية الظالمين ونقلم اظافر الوحوش الضارية لذا ستستشهد مرة اخرى اينما وجدت انحرافاً في المجتمع وفساداً فيه وطيراً محبوساً في القفص وطيراً قص جناحه وسمكة ماتت في الماء... وانساناً اعجم يتحكم بالانسان الناطق ... وطيراً لا يحلق في الجو وسمكاً لا يسبح في البحر وزهرة اقتلعت من الحديقة وانساناً اقل علماً صنع للانسان الابحر علماً سلاسل.. والحق يقرره اعاجم في العلم وسقوط في الثقافة. سيدي يا من امنت بالتسامح وصولا للتعايش بحياة سعيدة وعملت مسراجا لانارة الدرب وكنت منارة يعلو من فوقها صوت الحق في ظل من الحكمة السديدة .سيدي هناك من يدعي بولائه اليك ولم يكن ذلك حقيقيا بل شكليا لانهم لم يلتزموا باحكامك ومن هؤلاء من كان يسرق مع اللصوص ويركض مع حماة القانون او يقتل القتيل ويبكي عليه و يرتدي الاقنعة الماكرة ويعتمد الاسلوب الميكافيلي .. بل خلقوا لانفسهم طقوسا غريبة عجيبة لم يتقدموا الصفوف مثلما كنت تفعل ولم يسهموا في اعادة بناء ما تهدم لانه لن ينفع الترميم اذا كان اصل البناء متداعيا .. ولم يزرعوا الفرح بقلوب الناس بل العكس من ذلك فقد غابت عندهم القدرة على رؤية الدرب المستقيم بل قادوا العباد بعواطف الهائجين واصبحنا نعيش في وسط كذبة شاملة . صار هؤلاء يا سيدي يلغون حق غيرهم في القيادة وادى ذلك الى ان تتعرض السفينة الى عمليات النصب والاحتيال وصار السياسي يكذب ويكذب في كل مكان وزمان حتى يصدقه الناس... لان دينا او مذهبا لبسه اباح له وباعتقاده القتل ... فمارس الغدر والحيلة بزهق الارواح ورمي الفضيلة في القمامة فهو في مجموعة من اغنياء الجيوب فقراء الرؤوس قوم ملأ المال فراغ اذهانهم حتى انساهم كل شيء من عدالة وشجاعة وادب وزهد الامام علي عليه السلام. تشكلت يا سيدي قيادات على من له الاعلمية في التخلف والفساد فولدت باعماق النفوس ريبة ازلية مستديمة وعدم ثقة واسعة مع النوايا ... وتبدلت العبادة من الله عز وجل الى الاشخاص واصبح لكل داعية وحاكم بطانة واعوان و تنابلة خدرهم الافيون فسكروا واخذوا يهذون بمديح تافه لهؤلاء السلاطين وانتشر سماسرة ومقاولون من اصحاب النفوذ مستعدين لتنفيذ مايؤمرون به.واصبح الكثير منهم جبابرة وطغاة و دعتهم مصالحهم الى اطلاق الالسن وكيل الشتائم وكشف العيوب وتكرر الخيبة والانتكاسات .ذرفت عيناي عليك يا سيدي في ذكرى جرحك بعد ان اصابتك ضربة سيف بن ملجم فهنيئاً لك مجدك وشرفك فلقد رفعت رأسك وزاحمت بمنكبيك اجرام السماء وكواكبها ومرقدك الشامخ الرفيع الذاهب الى آفاق السماء يعبر عنك وانسانيتك المتمثلة بوصيتك الى ولديك اذ قلت لابنك الحسن " ارفق يا ولدي باسيرك "القاتل"، وارحمه واحسن اليه واشفق عليه، بحقي عليك اطعمه يا بني مما تأكله! واسقه مما تشرب! ولا تقيد له قدماً ولا تغل له يداً! فان انا مت فاقتص منه، بان تقتله وتضربه ضربة واحدة، ولا تحرقه بالنار ولا تمثل بالرجل،وان انا عشت، فانا اولى به بالعفو عنه، وانا اعلم بما افعل به ".