أبعد من سطح البحيرة الساكن

آراء 2020/05/17
...

محمد خضير سلطان
 
ربما الاحتفال بإطفاء أو اِئتلاق الشمعة الثامنة عشرة للصباح، لايعدو أن يكون استذكاراً ومراجعة فقط، بل هي فرصة أيضاً للنظر أبعد من السطح الساكن للبحيرة الرائعة والاشارة السريعة الى معيقات عمل لا تخلو من نقد بالقدر الذي لا تنفي التبجيل والحماسة بالمناسبة.
إذن ها هو ضوء الشمعة الثامنة عشرة يأتلق باهياً مختصراً أكثر من العقد أو قرابة العقدين على تأسيس شبكة الإعلام العراقي وصدور الصباح، ولكن لمّا تزل هذه المؤسسة ومنها جريدتنا الصباح الباهية، تحيا مخاضات التأسيس على أوجه متعددة، تنجمد هناك، ولمّا تزل تنعم باللحظة الفارقة التي إنهار معها الإعلام الموجّه وارتفع التوجه المؤسسي الجديد، وكان من المفترض أن يبدأ العد التصاعدي لتطبيع وبناء النوع المستقل من الخطاب الإعلامي المنشود غير أن مقادير الأمور لم تتخطَ تقنية التغطيات المحدّثة بتوزيع مختلف للوقائع عن السابق حيث لا تراعى البروتوكولية الصارمة التي يفرضها الإعلام المركزي بل إن غياب بؤرة الإعلام المركزية وسقوط المستبد، منح الفراغ بوصفه حرية واسعة في العمل ووفر المناخ المناسب تماماً لبناء مغاير، يقوم محله على قواعد أساسية ثابتة وينطلق من رؤية شاملة وهذا ما لم يحدث إلّا في حدود التماسك الإداري المؤسسي التابع للدولة وما وفرته له مقتضيات القرار 66 الانتقالي ومن ثمّ القانون 23لسنة 2015  المعدل.
من جهة أخرى لم يُستثمر معطى الحرية على النحو المنظم في ما يخص كتابة اللوائح التنظيمية الداخلية والتي يؤكد على أهمية وجودها القانون بوصفها برامج العمل المعبرة عن الأسلوب المهني والواجب ابتكارها من قبل العاملين في الشبكة، فقد غابت عن الخطط وتمَّ التغاضي عنها في غمار تتابع الوقت وسريانه فصار من الطبيعي والواقعي جداً أن تتسلل بعض الجهات المتنفذة وتفرض ضغوطها أو تملي مصالحها ما أدى الى إرباك معطى الحرية في بداية التأسيس والصدور وجعل الخط التصاعدي المفترض مضطرباً في بحثنا الدائب عن الشخصية المهنية والقانونية والواقعية والمجتمعية والى ما شئت من صفات إثبات  الهوية في الوقت الذي لا سبيل للبرهنة عليها – الهوية - إلا في تدوينها على شكل لوائح وبرامج عمل والاتفاق على إقرارها على المستويين الرسمي والقضائي.
في سياق هذا الوضع وربطه بالوضع العام، بين شد وجذب قوى السياسة وبؤر تجمعها في العملية السياسية الى الحد الذي توصل إليه فقهاء الإرجاء والرضا بالأمر الواقع الى إن الوضع لا يحتمل والفرصة التاريخية لم تسنح بعد لصحافة ما بعد التغيير، وما دامت السلطات الثلاث لم تكتمل على النحو الذي يجعلها متراتبة مع السلطة الرابعة، فعلينا ان نتئد قليلا لكي تتكامل سلطاتنا فنكون على أتم الاستعداد لممارسة سلطتنا كمن ينتظر دوره على مسرح الواقع ويعالج تطبيع الوقائع لكي يضطلع بمهامه على نحو معين.
وفي ظل هذا الوضع المنجمد عند مباهج التأسيس، كظم خبراء تطلعاتهم وتنطع منافقون وانتهازيون مثلما تلبث ساكتون وواقعيون وقارئو أمل وتوارى غاضبون غير أنّ الجميع سيعود الساعة مع ضوء الشمعة على سطح البحيرة الساكن.