حلٌّ مر

آراء 2020/05/19
...

نوزاد حسن
 

اليوم ذهبت الى دائرتي كمواطن اعتاد ان يستقل سيارات النقل العام لانني في الواقع لا املك سيارة خاصة بي.وصعود سيارة «كيا» في مثل هذا الظرف اجده من ناحيتي مغامرة كبيرة.فالسائق يتصرف وكأننا نعيش في وضع طبيعي فيقف ليحصل على العدد الكافي من الركاب.والادهى انه لا يضع كمامة,ويدخن,ولا يخفي يديه»بجفوف»وقاية.كما ان الزحام في الشوارع لا يتناسب والحظر الجزئي.في الواقع كانت الحركة طبيعية,وقرب نقاط التفتيش طوابير من السيارات تجتاز السيطرة ببطء من دون ان يحاسب احد السائق الذي لا يضع كمامة لحماية نفسه والاخرين.الامور جرت طبيعية وانا مندهش جدا,وقد اخفيت وجهي ويدي كمتنكر ذاهب لحفلة ساخرة.
     في اماكن اخرى اشاهد الحالة ذاتها.صاحب البقالة,والاسواق وتجمعات الشبان الرافضين لسلطة كورونا ,يتبادلون قبلات الترحاب التي كنت اشمئز منها قبل هذا الوباء.
    اعجب لهذا الاستخفاف بوباء عالمي الى هذه الدرجة.ففي الوقت الذي يبحث فيه الاوربيون عن هوية فيروس كورونا الذي شغل اميركا وجميع الدول العظمى وغيرها نمارس نحن مع الوباء لعبة غريبة جدا وهي نكران وجوده.ببساطة شديدة يقول قائل:هذه لعبة,وسترون.ثم يلقي هؤلاء المشككون بوجود الفيروس تساؤلا غريبا وهو اين هم الموتى.؟هل شاهد احد ميتا بكورونا.؟
  اتخيل احيانا ان شخصا ما ينقل العدوى لولده الصغير,ترى كيف سيكون شعوره,ولعل حوادث من هذا القبيل وقعت لكننا لم نسمع,وعدم سماعنا بها لا يعني بانها ما وقعت.
  الا ابدو متزمتا حين اخرج في كامل عدة الوقاية اعني اضع كمامة ولا انزعها الى حين عودتي المنزل.وفي المنزل هناك طقس تفتيشي عن كل شيء واخضاعه لعملية تعقيم قاسية.
  كل هذا هو طقس كورونا الذي لا يمكن لاحد ان يتخلى عنه.ومهما كان تفكير الانسان روتينيا فلا يجوز له ان يصل الى هذه الحالة من عدم الاعتراف بوجود هذا الفيروس العنيد الذي يحاصر كوكبنا بقسوة.
  في الهند بدأت السلطات الهندية بالتلويح بعصا الحظر الشامل لعلها تردع الاستخفاف بعدم الالتزام بشروط الوقاية التي تجنب الجميع المزيد من الخسائر والالم.
  الحظر الشامل اجراء صعب لانه يترك اثارا واضحة على حياة الذين يعملون في مهن حرة كثيرة.وهنا لا بد من مد جسور دعم هذه الأسر بسبل شتى.هذا ما يجعل الحظر الشامل قاسيا وربما غير مفهوم.لكنه حل مر لانه يطوق بعض المناطق التي قد تكون مصدرا لانتشار الوباء.لا سيما نحن بدأنا نلاحظ ارتفاعا في ارقام الاصابات قياسا بالنسب التي كانت تسجل بعد فرض الحظر
الشامل.
هناك معاناة عالمية الجوهر لها طعم عولمة مخيفة.فكورونا ستترك على حياة الناس تغيرا واضحا كما كانت الاحاديث تدور عن غزو العولمة لابعد مدينة او قرية.وهنا سنجد انفسنا امام مصير يقسو علينا لانه حول العالم إلى سجن كبير.
ولا اظن اننا سنكون دقيقين ان قلنا ان العالم صار بفضل وسائل التواصل قرية صغيرة,لكنه صار سجنا كبيرا نعاني منه حتى لحظة ايجاد علاج له.