مهرجانات الفن السابع { اون لاين }

الصفحة الاخيرة 2020/05/20
...

 حيدر محمد محمود*
 
 
تكمن أهمية مهرجانات السينما بحضور الجمهور ونقاد السينما ومخرجي وممثلي الأفلام، فتنشأ العلاقة في أن يلمس صانعو الأفلام ردود فعل إبداعهم على الجمهور. وكانت أغلب مهرجانات السينما تتلقى الدعم من البلدان وبلدياتها كي تسجل نشاطا ثقافيا تتميز به هذه البلدية أكثر من غيرها. 
ولكن في الفترة الأخيرة التي سبقت ظهور فايروس الكورونا بدأت الكثير من المهرجانات تقلل عدد ضيوفها من المدعوين بسبب ضعف الدعم المالي الذي تقدمه البلديات بسبب أزمات اقتصادية بدأت بوادرها قبل ظهور فايروس الكورونا .. وهي أزمة اقتصادية شبيهة بالأزمة  التي سادت العالم بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية.  الى حد التجأ  منظمو  المهرجانات  على شبكة  الإنترنت كمنصة  للمهرجان، فانحسر حضور نجوم السينما من المخرجين والممثلين حتى باتت المشاهدة السينمائية على "أون لاين" وبشكل أكثر وضوحا بعد أن انتشار الفايروس، حيث  يضع منظم المهرجان الأفلام المشاركة على النت مع " كود"  المشاهدة مع رقم حسابه ليضع المشاهد بضعة ليرات أو دولارات أو دراهم أو دنانير حسب عملة هذا البلد أو ذاك ويشاهد الفيلم ويستطيع أن يبدي ملاحظاته بشكل  يشبه الحوار التفاعلي الذي كان يدور حيا في الصالة.  وبذا هجر الجمهور  صالات العرض  وقاعات  الاحتفالات الباذخة،  وساد مبدأ التوحد الذي فرضته الكورونا على المجتمعات التي عرفت وتمتعت بعروض المهرجانات الكبرى على شاكلة:  " كان"، و" الاوسكار"، و"برلين" 
وغيرها.
 ولو افترضنا  جدلا  أن الكورونا قد تم القضاء عليها سواء كانت مفتعلة ومصنوعة أو طبيعية، فهل تعود الامور الى نصابها؟  انا شخصيا لا اعتقد ذلك، فسيظل التباعد الاجتماعي ضاغطا، واقصد بذلك  نهج التوحد  والخوف الانساني  الذي سببته القيود الصحية وتداعياتها لتي ولدت رعبا وخوفا، سيستمر  ربما  لحقب من الأزمان ..فثمة   الخشية من عدو وهمي قد يدهمه في غفلة من الحياة .. 
إذن، هل نقرأ سورة الفاتحة على مهرجانات السينما واحتفالاتها سواء بسبب الشعور بالتوحد أو بسبب الأزمة الاقتصادية التي سادت العالم بعد انتشار فيروس الكورونا ؟ كنا سابقا نخشى على صالات السينما من الإيديولوجيات السائدة التي تحرم الصورة وتحرم الموسيقى وتحرم الاختلاط بين الجنسين .. الآن صالات السينما عليها أن تكون معقمة والمشاهد يدخل الصالة بسيادة الكمامات والكفوف، لأن المجتمع يبقى خائفا، والدولة ستبقى مرعوبة وتتحمل مسؤولية الحفاظ على المجتمع صدقا أو كذبا مستغلة رعب الكورونا .. وقد نرى هذا الرعب على الشاشة حيث سوف تنتج الكورونا موضوعات للمشاهدة .. يشاهد المتفرج نفسه على الشاشة وهو بكمامته وكفوفه صورة لما يجري أمامه على الشاشة وسط ظلام الصالة الذي كان جميلا فبات مرعوبا .. مهرجانات السينما التي لها خصوصيتها في المتعة الذهنية والعاطفية باتت "أون 
لاين"
*كاتب وسينمائي