من البديهيات الملحة بالضرورة في جملة احتياجات الانسان وابرز قضاياه الجوهرية والمصيرية .. هي الحرية .. لقد كانت هذه الكلمة الجميلة التي خضبت بالدماء الطاهرة ولا تزال المفردة الموغلة في التقدم واشتقاقاتها المباشرة ، اذ ارتقت الحريات السياسية التي حكمتها المنظمات الدولية والسنن الاجتماعية والشعوب المغلوبة على امرها الى اعلى معايير تقدم الامم وازدهار شعوبها في الاطر الثقافية والاقتصادية والتربوية والصحية والمعرفية في ما يجمع اغلب الفقهاء والكتاب والمفكرين والمنظرين بمختلف مناهلهم على احتواء الانسان لتلك المعايير التي تنظم الحياة نحو التقارب عبر وسائل النهج الاجتماعي السليم .ان الحريات السياسية قضية بنيوية اساسية ومصيرية في بناء ورقي وتطور المجتمعات والافراد على حد سواء واحد السبل الكفيلة لحفظ الحقوق وصيانة الشعوب والدول لتجنبها الانزلاق في مهاوي التخلف والاستبداد والتمزق .ولكن رغم نسبة المثالية والافضلية العقلانية لتلك الممارسة تشير الدراسات والابحاث المتوافرة حسب المنظمات الحقوقية الى ان الحريات السياسية تشهد تراجعا قلقا حول العالم وتعد من اكثر القضايا المستعصية على التطور والطموح والتقدم لدى العديد من الشعوب والامم والنظم الدولية حصرا في مجال الممارسة والتطبيق .. ويعد العراق من اكثر دول المنطقة توجها في هذا المجال بعد معاناة امتدت على مديات عقود مجحفة وقاسية سادت فيها مظاهر الحصار الفكري وانحسار الوعي وفقدان الحريات السياسية حتى عهد ليس ببعيد . اذ رزح شعبنا العراقي الصبور تحت براثن انظمة شمولية متوالية على التسلط .كما اشارت منظمة حقوقية اميركية الى ان الحريات السياسية تقلصت في عموم العالم في الاعوام 2008 حتى العام 2014 وكما ذكرت التقارير ان عدد الدول او المناطق ( الحرة ) وهو 89 يتجاوز عدد البلدان او المناطق ( غير الحرة) وعددها 42 لكن الحقوق السياسية والحريات المدنية متدنية، اذ تقصرت بدرجة كبيرة لان حكومات في مناطق متفرقة من العالم قلدت ( ثورات الالوان )الغربية المناهضة للحكم الشمولي التي حولت مسارها واخمدت الديمقراطية .وقد نظر العديد من المفكرين والمنظرين ذوي النظرة الثاقبة لمستقبل العراق الكثير من الاطروحات الملمة بقضايا الشعب والحريات المكفولة، حيث اثبتت التجارب ما حصل في العراق بعد الاحتلال العام 2003 من تحجيم وقبع الحريات وان ما في الدستور الجديد انما بات حبرا على الورق ... ان اتاحة الحريات السياسية الآلية والغطاء المميز الآمن للتنافس والاسهام في تولي قيادة الدولة واغناء الساحة الداخلية والاقليمية والدولية بالآراء والافكار والتنظيرات الهادفة والتي تصب في خدمة الشعب مع بروز الاكفأ والافضل من بين الدعاة هي الطريق الذي كان ان يحصل .. ومن هذا الاطار ومن اجل الحفاظ على المبدأ الانساني في احتواء الديمقراطية الصادقة الناشئة في العراق يترتب على جميع الاحزاب والكتل والتيارات وغيرها والمنظمات المدنية العمل الجاد على تقويم هذه التجربة واستثمارها عبر مسارات تشد من عضد هذه الممارسة فكريا وثقافيا وتربويا من اجل الارتقاء بالعراق الجديد والذي يخوض اليوم مواجهة مع الارهاب الدموي القاتل الذي دخل العراق واحتل اجزاء من الوطن العام 2014 وما قبله، و لم يتبق منهم سوى اشلائهم المبعثرة في الصحارى والوديان والنصر آت ( ولاة حين مناص ) اذن يتوجب على القيادات السياسية الفاعلة والشرائح العراقية المتماسكة بحب الوطن وخدمة ابنائه .. خلق حالة من الوعي والادراك بضرورة تداول السلطة سلميا وفق مبادئ الديمقراطية التي اقرها الدستور ونبذ دعاة (الاحتكار ) في اشد الظروف الراهنة والمتراكمة، فضلا عن ترسيخ طريق التعددية والتنوع وثقافة التحاور الناضج مع الجوار والاعتدال في الطرح السياسي المخضب بالتلوث لضمان الاستقرار للعراق وشعبه السجين باطر التخلف والجهل وضياع خبراته وثرواته الغزيرة من قبل زمر المفسدين وسراق الحقوق ومن اجل تعضيد الحكومة الانتقالية والتي صادق البرلمان العراقي على هيكليتها بالامس القريب ..
كما يتطلب دعم السيد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي للبرنامج الحكومي الذي طرحه ولتلبية متطلبات الحياة المعاشية
والخدمية ...