علي لفتة سعيد
رغم كلّ التطورات التي يشهدها العالم من الطفرة التقنية والعلمية ودخول الآلة الالكترونية وميتا الكترون ان صحت التسمية، إلا ان هذا لم يجعل العقل البشري قابلا لما يمكن ملاحقة التطورات العالمية والاكتشافات الهائلة في الجوانب العلمية والتسارع الحثيث غير المتوقف في تطوير كل ما يستحدث حتى ان التطور نفسه لا يقبل الركون بل يكون ملاحقا بما يسمى (موديلات) جديدة قافزة على ما موجود.. ولهذا فان هناك هوة بين العلم والواقع والذي اسفر عن حدوث طفرات وصنع هوّات بين الاثنين، بين العلم الذي يعتمد على نخبة من العلماء والتجار والمصنعين ولا يخلو الأمر من جانب سياسي في التسابق نحو السيطرة على العالم اقتصادياً من خلال الطفرات العلمية. وبين الواقع الذي يجنح الى ان الفرد مهما تطور لا يمكن له ملاحقة هذه التطورات التي تفوق المستوى العقلي، فكان الانتاج العلمي في خدمته ليكون مستخدما لها ومستهلكا اكثر منه مشاركا في أهمية الانتاج وما يلاحقه ولنا في تسابق الناس على شراء المستحدث من اجهزة الموبايل والوقوف في طوابير كبيرة للحصول على النسخ الاولى مما يتم تطويره. إنّ هذا الامر ربما يكون ايضا يعيش هوة الفرق بين العلم والروحانيات او الوجدانيات او الجنوح نحو الجانب الغيبي الذي يتسم به الانسان والتي ربما يطلق عليها على انها الجانب الضعيف لدى الانسان، والانسان هو المنطقة الضعيفة في المواجهة العلمية ما بين النخبة الذين هم باعداد قليلة مقابل الاعداد الكبيرة المستهلكة ومن هذه النقطة يكون قبول الانسان العادي الى ما هو ضد العلم، لانه الاسرع في تقبله عقليا ومناقشته في حين يحتاج العلم الى تخصص ومناقشة هو في غنى عنها واقصد بالإنسان غير المتخصص الذي يكون التأثير الاجتماعي عليه اكثر من التأثير العلمي ولهذا تعتمد الشائعة على هذه الفئة من خلال انتشارها والترويج لها ومن ثم تحقيق اهداف وغايات، ولهذا فان الامر الذي رافق ظهور فيروس كورونا وتحوله الى جائحة هو عدم قدرة الانسان العادي او الطبيعي على فهم هذا الفيروس، لذا كانت المحطات التي وقف عندها التخيل الجمعي للتحول الى شائعات متتالية، بدءاً من كونها مؤامرة اميركية ثم خطأ متسرباً من مختبر صيني الى مؤامرة على الاسلام والمسلمين ومن ثم المخطط للهيمنة على العالم وأحد اسباب الصراع على الطاقة وتحولاتها، حتى لكأن شائعة صارت هي البديل عن فهم حقيقة الفيروس الذي يختلف عن كل الوباءات الاخرى التي ظهرت بالتاريخ، كونه لا ينتقل عن طريق الهواء او الماء او الطعام بل عن طريق الملامسة التي لا بد من حصولها بين الناس مهما كان هناك التزام بما اصطلح عليه التباعد الاجتماعي. إنّ زيادة الاصابات في العراق خلال الايام الماضية كانت لها اسباب كثيرة ومتناسلة لا تخرج عن هذا الصراع او الهوة بين الجانبين العلمي والاجتماعي الواقعي الذي وقع تحت تأثير العقائد والافكار الصوتية التي تفتقر الى الجهد العلمي وسرعة تصديق الشائعات التي تنطلق هنا وهناك مع الاخذ بنظر الاعتبار الفوارق الثقافية بين منطقة واخرى
ومن هذه الاسباب:
1 - عدم فهم المرض من البداية مع الاستخفاف به من قبل الجهات المعنية ذاتها والمنظمات والتجمعات السياسية والدينية.
2 - ضعف الاجراءات الحكومية في تكملة الخطوات التي بدأتها في معرفة احتياجات الناس.
3 - نزوع الانسان الى الغيبيات التي تعتقد بوجوب الايمان بكل شيء ومواجهته بطريقة التكيف وان كل شيء له خارج نطاق فهم الانسان.
4 -استغلال الكثير من الجهات هذه النقاط والسعي الى بث فيديوهات متناقضة تؤكد ان الفيروس عبارة عن مؤامرة او انه يموت بدرجة حرارة معينة او ان مواجهته تعني قبولاً به.
5 - بث شائعات تكذب وجود الفيروس أصلا وخاصة من جهات تستخدم المنابر العديدة سواء منها المنصات الإلكترونية او الدينية من اجل جعل الانسان في مواجهة الغيب والمصير
6 - ضعف اجراءات الوعي سواء من قبل الاعلام او منظمات المجتمع المدني والاكتفاء بالتحذير.
7 - ضعف في تطبيق الاجراءات المتخذة والتراخي والاكتفاء بالقول دون الفعل.
8 - التصديق بأي شيء يزيد من كمية اللامبالاة والاقتراب من الحتمية والقدرية والعقوبات الالهية وغيرها.
9 - الإطالة في زمن الفيروس وعدم وجود ثقافة صحية أصلا في التركيبة الاجتماعية.
10 - عدم ثقة المواطن بأية إجراءات تتخذها الحكومة لوجود ثقافة الفساد في كل شيء مع وجود ثقافة الاتهام بان كل شيء قابل للسرقة واستغلال اي شيء من اجل الحصول على المال وما ايد ذلك التصريحات التي تطلقها هذه الجهة السياسية ضد الجهة
الأخرى